قِيلَ : إِنَّمَا صَلَحَتْ مَعَ كَوْنِهَا وَاحِدَةً، لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى اثْنَيْنِ، وَالْعَرَبُ تَجْمَعُ فِي ذَلِكَ وَذَاكَ شَيْئَيْنِ وَمَعْنَيَيْنِ مِنَ الأَفْعَالِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : أَظُنُّ أَخَاكَ قَائِمًا، وَكَانَ عَمْرٌو أَبَاكَ، ثُمَّ يَقُولُ : قَدْ كَانَ ذَاكَ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ. فَيَجْمَعُ بِذَلِكَ وَذَاكَ الاِسْمَ وَالْخَبَرَ الَّذِي كَانَ لاَ بُدَّ لِ أظَنَّ وَكَانَ مِنْهُمَا.
فَمَعْنَى الْكَلاَمِ : قَالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّمَا بَقَرَةٌ لاَ مُسِنَّةٌ هَرِمَةٌ وَلاَ صَغِيرَةٌ لَمْ تَلِدْ، وَلَكِنَّهَا بَقَرَةٌ نِصْفٌ قَدْ وَلَدَتْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ بَيْنَ الْهَرَمِ وَالشَّبَابِ. فَجَمَعَ ذَلِكَ مَعْنَى الْهَرَمِ وَالشَّبَابِ لِمَا وَصَفْنَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْفَارِضِ وَالْبِكْرِ اسْمَا شَخْصَيْنِ لَمْ يُجْمَعْ مَعَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يُؤَدِّي عَنِ اسْمِ شَخْصَيْنِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِمَنْ قَالَ : كُنْتُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، أَنْ يَقُولَ : كُنْتُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ دُونَ أَسْمَاءِ الأَشْخَاصِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى. ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾
يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ تُدْرِكُوا حَاجَاتِكُمْ وَطِلْبَاتِكُمْ عِنْدِي، وَاذْبَحُوا الْبَقَرَةَ الَّتِي أَمَرْتُكُمْ بِذَبْحِهَا، تَصِلُوا بِانْتِهَائِكُمْ إِلَى طَاعَتِي بِذَبْحِهَا إِلَى الْعِلْمِ بِقَاتِلِ قَتِيلِكُمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾
وَمَعْنَى ذَلِكَ قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى :﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا﴾ أَيْ لَوْنُ الْبَقَرَةِ الَّتِي أَمَرْتَنَا بِذَبْحِهَا.


الصفحة التالية
Icon