تَقُولُ لِلرَّجُلِ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ وَلَوْ تَعْلَمُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :.
إِنْ يَكُنْ طِبَّكِ الدَّلاَلُ فَلَوْ فِي | سَالِفِ الدَّهْرِ وَالسِّنِينَ الْخَوَالِي |
وَبِحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ وَلاَ تَذْ | هَبْ بِكَ التُّرَّهَاتُ فِي الأَهْوَالِ |
قَالَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَلَوْ تَرَى وَفَتَحَ أَنَّ عَلَى تَرَى وَلَيْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ، وَلَكِنْ أَرَادَ أنْ يُعْلِمَ ذَلِكَ النَّاسَ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ لِيُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ جَهْلِهِمْ، وَكَمَا قَالَ :﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَنْكَرَ قَوْمٌ أَنْ تَكُونَ أَنَّ عَامِلاً فِيهَا قَوْلُهُ :﴿وَلَوْ يَرَى﴾ وَقَالُوا : إِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَدْ عَلِمُوا حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، فَلاَ وَجْهَ لِمَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ : وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ. وَقَالُوا : إِنَّمَا عَمِلَ فِي أَنَّ جَوَّابُ لَوْ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، لِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ الأَوَّلِ.
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ : مَنْ نَصَبَ :﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ مِمَّنْ قَرَأَ :﴿وَلَوْ يَرَى﴾ بِالْيَاءِ فَإِنَّمَا نَصَبَهَا بِإِعْمَالِ الرُّؤْيَةِ فِيهَا، وَجَعَلَ الرُّؤْيَةَ وَاقِعَةً عَلَيْهَا. وَأَمَّا مَنْ نَصَبَهَا مِمَّنْ قَرَأَ :(وَلَوْ تَرَى) بِالتَّاءِ، فَإِنَّهُ نَصَبَهَا عَلَى تَأْوِيلِ : لِأَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، وَلأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ. قَالَ : وَمَنْ كَسَرَهُمَا مِمَّنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ يَكْسِرُهُمَا عَلَى الْخَبَرِ.