٢٤٤٢- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ قَالَ أَسْبَابُ أَعْمَالِهِمْ، فَأَهْلُ التَّقْوَى أَعْطُوا أَسْبَابَ أَعْمَالِهِمْ وَثِيقَةً فَيَأْخُذُونَ بِهَا فَيَنْجَوْنَ، وَالآخَرُونَ أَعْطُوا أَسْبَابَ أَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةَ فَتُقَطَّعُ بِهِمْ فَيَذْهَبُونَ فِي النَّارِ قَالَ : وَالأَسْبَابُ : الشَّيْءُ يَتَعَلَّقُ بِهِ. قَالَ : وَالسَّبَبُ الْحَبْلُ.
وَالأَسْبَابُ جَمْعُ سَبَبٍ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَسَبَّبَ بِهِ الرَّجُلُ إِلَى طَلَبَتِهِ وَحَاجَتِهِ، فَيُقَالُ لِلْحَبْلِ سَبَبٌ ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَبَّبُ بِالتَّعَلُّقِ بِهِ إِلَى الْحَاجَةِ الَّتِي لاَ يُوصَلُ إِلَيْهَا إِلاَّ بِالتَّعَلُّقِ بِهِ، وَيُقَالُ لِلطَّرِيقِ سَبَبٌ لِلتَّسَبُّبِ بِرُكُوبِهِ إِلَى مَا لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِقَطْعِهِ، وَلِلْمُصَاهَرَةِ سَبَبٌ ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِلْحُرْمَةِ، وَلِلْوَسِيلَةِ سَبَبٌ لِلْوُصُولِ بِهَا إِلَى الْحَاجَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ بِهِ إِدْرَاكُ الطَّلَبَةِ فَهُوَ سَبَبٌ لِإِدْرَاكِهَا.
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ مَنِ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ يَتَبَرَّأُ عِنْدَ مُعَايَنَتِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ الْمَتْبُوعُ مِنَ التَّابِعِ، وَتَتَقَطَّعُ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَلْعَنُ بَعْضًا، وَأَخْبَرَ عَنِ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ يَقُولُ لِأَوْلِيَائِهِ :﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ وَأَخْبَرَ تَعَالَى، ذِكْرُهُ أَنَّ الأَخِلاَّءَ، يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ يَنْصُرُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ﴾.