وَلَمْ يُحَرِّمْ أَكْلَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهُ طَاعَةً مِنْهُمْ لِلشَّيْطَانِ، وَاتِّبَاعًا مِنْهُمْ خُطُوَاتِهِ، وَاقْتِفَاءً مِنْهُمْ آثَارَ أَسْلاَفِهِمُ الضُّلاَّلِ وَآبَائِهِمُ الْجُهَّالِ، الَّذِينَ كَانُوا بِاللَّهِ وَبِمَا أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ جُهَّالاً، وَ عَنِ الْحَقِّ وَمِنْهَاجِهِ ضَلاَلاً ؛ وَانصرَافًا مِنْهُمْ، كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾.
وَفِي هَذِهِ الآيَةِ وَجْهَانِ مِنَ التَّأْوِيلِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ مِنْ قَوْلِهِ :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ عَائِدَةٌ عَلَى مَنَ فِي قَوْلِهِ :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا﴾ فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلاَمِ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا، وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا.
وَالآخَرُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ الَّذِينَ فِي قَوْلِهِ :﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّبًا﴾ فَيَكُونُ ذَلِكَ انْصِرَافًا مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْخَبَرِ عَنِ الْغَائِبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾،
وَأَشْبَهُ عِنْدِي وَأَوْلَى بِالآيَةِ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي قَوْلِهِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسِ﴾، @


الصفحة التالية
Icon