فَيَتَّبِعُونَ عَلَى مَا سَلَكُوا مِنَ الطَّرِيقِ وَيُؤْتَمُّ بِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ وَلاَ يَهْتَدُونَ لَرُشْدٍ فَيَهْتَدِي بِهِمْ غَيْرُهُمْ، وَيَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ طَلَبَ الدِّينَ، وَأَرَادَ الْحَقَّ وَالصَّوَابَ ؟
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلاَءِ الْكُفَّارِ : فَكَيْفَ أَيُّهَا النَّاسُ تَتَّبِعُونَ مَا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ فَتَتْرُكُونَ مَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ رَبُّكُمْ وَآبَاؤُكُمْ لاَ يَعْقِلُونَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْئًا وَلاَ هُمْ مُصِيبُونَ حَقًّا وَلاَ مُدْرِكُونَ رُشْدًا ؟ وَإِنَّمَا يَتَّبِعُ الْمُتَّبِعُ ذَا الْمَعْرِفَةَ بِالشَّيْءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَهُ فِي نَفْسِهِ، فَأَمَّا الْجَاهِلُ فَلاَ يَتَّبِعُهُ فِيمَا هُوَ بِهِ جَاهِلٌ إِلاَّ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ وَلاَ تَمْيِيزَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾.
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَثَلُ الْكَافِرِ فِي قِلَّةِ فَهْمِهِ عَنِ اللَّهِ مَا يُتْلَى عَلَيْهِ من كِتَابِهِ وَسُوءُ قَبُولِهِ لِمَا يُدْعَى إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَيُوَعَظُ بِهِ، مَثَلُ الْبَهِيمَةِ الَّتِي تَسْمَعُ الصَّوْتَ إِذَا نَعَقَ بِهَا وَلاَ تَعْقِلُ مَا يُقَالُ لَهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
٢٤٦٢- حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ قَالَ : مَثَلُ الْبَعِيرِ أَوْ مَثَلُ الْحِمَارِ تَدَعُوهُ فَيَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلاَ يَفْقَهُ مَا تَقُولُ.