مِمَّا تُوَجِّهُهُ الْعَرَبُ مِنْ خَبَرِ مَا تُخْبِرُ عَنْهُ إِلَى مَا صَاحَبَهُ لِظُهُورِ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ سَامِعِيهِ، فَتَقُولُ : اعْرِضِ الْحَوْضَ عَلَى النَّاقَةِ، وَإِنَّمَا تُعْرَضُ النَّاقَةُ عَلَى الْحَوْضِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي دُعَائِهِمْ آلِهَتَهُمْ وَأَوْثَانَهُمُ الَّتِي لاَ تَسْمَعُ وَلاَ تَعْقِلُ، كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً، وَذَلِكَ الصَّدَى الَّذِي يُسْمَعُ صَوْتُهُ، وَلاَ يَفْهَمُ عَن النَّاعِقُ به شَيْئًا.
فَتَأْوِيلُ الْكَلاَمِ عَلَى قَوْلِ قَائِلِ ذَلِكَ : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَآلِهَتُهُمْ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّاهَا وَهِيَ لاَ تَفْقَهُ وَلاَ تَعْقِلُ كَمَثَلِ النَّاعِقِ بِمَا لاَ يَسْمَعُهُ النَّاعِقُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً، أَيْ لاَ يَسْمَعُ مِنْهُ النَّاعِقُ إِلاَّ دُعَاءَهُ وَنِدَاءً.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
٢٤٧٤- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي يَصِيحُ فِي جَوْفِ الْجِبَالِ فَيُجِيبُهُ فِيهَا صَوْتٌ يُرَاجِعُهُ يُقَالُ لَهُ الصَّدَى، فَمَثَلُ آلِهَةِ هَؤُلاَءِ لَهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي يُجِيبُهُ بِهَذَا الصَّوْتِ لاَ يَنْفَعُهُ لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي ذَلِكَ الصَّدَى.
وَقَدْ تَحْتَمِلُ الآيَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَجْهًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي دُعَائِهِمْ آلِهَتَهُمُ الَّتِي لاَ تَفْقَهُ دُعَاءَهُمْ كَمَثَلِ النَّاعِقِ بِغَنَمٍ لَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ غَنَمُهُ فَلاَ تَنْتَفِعُ مِنْ نَعْيقِهِ بِشَيْءٍ غَيْرَ أَنَّهُ فِي عَنَاءٍ مِنْ دُعَاءٍ وَنِدَاءٍ، فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ فِي دُعَائِهِ آلِهَتَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي عَنَاءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِيَّاهَا وَنِدَائِهِ لَهَا، وَلاَ تنْفَعُهُ شَيْئا.


الصفحة التالية
Icon