بَلْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمَا وَإِذ لَمْ يُزدِّهِمَا لمَحَارِمِ اللَّهِ عَلَيْهِمَا تَحْرِيمًا فَغَيْرُ مُرَخِّصٍ لَهُمَا مَا كَانَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ حَرَامًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَالْبُغَاةِ عَلَى الأَئِمَّةِ الْعَادِلَةِ، الأَوْبَةُ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى مَا أَلْزَمَهُم اللَّهُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ، وَالتَّوْبَةَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ لاَ قَتْلُ أَنْفُسِهِمَا بِالْمَجَاعَةِ، فَيَزْدَادَانِ إِلَى إِثْمِهِمَا إِثْمًا، وَإِلَى خَلاَفِهِمَا أَمْرَ اللَّهِ خِلاَفًا.
وَأَمَّا الَّذِي وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ بَاغٍ فِي أَكْلِهِ شَهْوَةٍ، فَأَكَلَ ذَلِكَ شَهْوَةً لاَ لِدَفْعِ الضَّرُورَةِ الْمَخُوفِ مِنْهَا الْهَلاَكُ مِمَّا قَدْ دَخَلَ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلَفْظِهِ مُخَالِفًا.
فَأَمَّا تَوْجِيهُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿وَلاَ عَادٍ﴾ وَلاَ آكِلٌ مِنْهُ شِبَعُهُ، وَلَكِنْ مَا يُمْسِكُ بِهِ نَفْسَهُ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْضَ مَعَانِي الاِعْتِدَاءِ فِي أَكْلِهِ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ مِنْ مَعَانِي الاِعْتِدَاءِ فِي أَكْلِهِ مَعْنًى فَيُقَالُ عَنَى بِهِ بَعْضَ مَعَانِيهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ الاِعْتِدَاءُ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ الْمُحَرَّمَةِ.
وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ :﴿فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ يَقُولُ : مِنْ أَكْلِ ذَلِكَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا فَلاَ تَبَعَةَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلاَ حَرَجَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ إِنْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ فِي إِسْلاَمِكُمْ فَاجْتَنَبْتُمْ أَكْلَ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ@