وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يَقُولُ : وَلاَ يُكَلِّمُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ، وَيَشْتَهُونَ، فَأَمَّا بِمَا يَسُوءُهُمْ، وَيَكْرَهُونَ فَإِنَّهُ سَيُكَلِّمُهُمْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ إِذَا قَالُوا :﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تَكَلَّمُونَ﴾ الِآيَتَيْنِ..
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَلاَ يُزَكِّيهِمْ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلاَ يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ، وَكُفْرِهِمْ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يَعْنِي مُوجِعٌ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةَ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾.
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ :﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى﴾ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَخَذُوا الضَّلاَلَةَ وَتَرَكُوا الْهُدَى، وَأَخَذُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَرَكُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ غُفْرَانَهُ وَرِضْوَانَهُ. فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَذَابِ وَالْمَغْفِرَةِ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي يُوجِبُهُمَا لِفَهْمِ سَامِعِي ذَلِكَ لِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِرَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، وَكَذَلِكَ بَيَّنَّا وَجْهَ :﴿اشْتَرُوا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى﴾ بِاخْتِلاَفِ الْمُخْتَلِفِينَ وَالأدَّلَةِ الشَّاهِدَةِ لمَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾.