وَأَصْلُ الْقَرْءِ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ : الْوَقْتُ لِمَجِيءِ الشَّيْءِ الْمُعْتَادِ مَجِيئُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَلِإِدْبَارِ الشَّيْءِ الْمُعْتَادِ إِدْبَارُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ : أَقْرَأَتْ حَاجَةُ فُلاَنٍ عِنْدِي، بِمَعْنَى دَنَا قَضَاؤُهَا، وَجَاءَ وَقْتُ قَضَائِهَا ؛ وَأَقْرَأَ النَّجْمُ : إِذَا جَاءَ وَقْتُ أُفُولِهِ، وَأَقْرَأَ : إِذَا جَاءَ وَقْتُ طُلُوعِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا مَا الثُّرَيَّا وَقَدْ أَقْرَأَتْ | أَحَسَّ السِّمَاكَانِ مِنْهَا أُفُولاَ |
شَنِئْتُ الْعَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ | إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ |
وَلِذَلِكَ سُمَّى بَعْضُ الْعَرَبِ وَقْتَ مَجِيءِ الْحَيْضِ قُرْءًا، إِذَا كَانَ دَمًا يُعْتَادُ ظُهُورُهُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي وَقْتٍ، وَكُمُونُهُ فِي آخَرَ، فَسُمِّيَ وَقْتُ مَجِيئِهِ قُرْءًا، كَمَا سَمَّى الَّذِينَ سَمُّوا وَقْتَ مَجِيءِ الرِّيحِ لِوَقْتِهَا قُرْءًا، وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ : دَعِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ بِمَعْنَى : دَعِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ إِقْبَالِ دم حَيْضِكِ.
وَسَمَّى آخَرُونَ مِنَ الْعَرَبِ وَقْتَ مَجِيءِ الطُّهْرِ قُرْءًا، إِذْ كَانَ وَقْتُ مَجِيئِهِ وَقْتًا لِإِدْبَارِ الدَّمِ دَمِ الْحَيْضِ، وَإِقْبَالِ الطُّهْرِ الْمُعْتَادِ مَجِيئُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ الأَعْشَى مَيْمُونُ بْنُ قَيْسٍ :
وَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ | تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا. |
مُوَرَّثَةٍ مَالاً وَفِي الذِّكْرِ رِفْعَةً | لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا@ |