وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿مِنْ أَنْصَارٍ﴾ مَنْ يُنْصُرُهُمْ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَدْفَعُ عَنْهُمْ عِقَابَهُ يَوْمَئِذٍ بِقُوَّةِ وَشِدَّةِ بَطْشٍ وََلا بِفِدْيَةٍ، ولاحليه
وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الظَّالِمَ هُوَ الْوَاضِعُ لِلشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا سَمَّى اللَّهُ الْمُنْفِقَ رِيَاءَ النَّاسِ، وَالنَّاذِرَ فِي غَيْرِ طَاعَتِهِ ظَالِمًا، لِوَضْعِهِ إِنْفَاقَ مَالِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَنَذْرِهِ فِي غَيْرِ مَالِهِ وَضَعَهُ فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ ظُلْمَهُ.
فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَكَيْفَ قَالَ :﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ وَلَمْ يَقُلْ : يَعْلَمُهُمَا، وَقَدْ ذَكَرَ النَّذْرَ وَالنَّفَقَةَ
قِيلَ : إِنَّمَا قَالَ :﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ لِأَنَّهُ أَرَادَ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا أَنْفَقْتُمْ أَوْ نَذَرْتُمْ، فَلِذَلِكَ وَحَّدَ الْكِنَايَةَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ﴾ إِنْ تُعْلِنُوا الصَّدَقَاتِ فَتُعْطُوهَا مَنْ تَصَدَّقْتُمْ بِهَا عَلَيْهِ، ﴿فَنِعِمَّا هِيَ﴾ يَقُولُ : فَنِعْمَ الشَّيْءُ هِيَ ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا﴾ يَقُولُ : وَإِنْ تَسْتُرُوهَا فَلَمْ تُعْلِنُوهَا ﴿وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾ يَعْنِي : وَتُعْطُوهَا الْفُقَرَاءَ فِي السِّرِّ، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يَقُولُ : فَإِخْفَاؤُكُمْ إِيَّاهَا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْلاَنِهَا، وَذَلِكَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.


الصفحة التالية
Icon