واماقوله ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرَ فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾ فانه يعنى جل ثناؤه وما تتصدقون به من مال والمال هو الخير الذى ذكر الله فى هذه الايه.
وقوله﴿ فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾ تنفقون ليكون لكم ذخرا عن الحاجه اليه فى معدكم.
واما قوله﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرَ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ فانه يعنى جل جلاله وماتتصدقوا به من مال فانكم توفونه فيرجع اليكم جزاؤه تاما وافيا فلا تمنوا على أحد بما تصدقتم به عليه ولاتمتنعوا من اعطائها من امتعتهم من اعطائه اياها من مشركى أهل الكتاب وغيرهم من أهل الاسلام فإنكم لاتظلمون أجرها فتبخسوه ولاتنقصونه بل علي الله أن يوفيكم أجوركم وجزاءكم عليها.
٦٢٤٣- كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ :﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾ قَالَ : هُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ، فَمَا لَكَ وَلِهَذَا تُؤْذِيهِ وَتَمُنُّ عَلَيْهِ ؟ إِنَّمَا نَفَقَتُكَ لِنَفْسِكَ وَابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَجْزِيكَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾
أَمَّا قَوْلُهُ :﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فَبَيَانٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سَبِيلِ النَّفَقَةِ وَوَجْهِهَا. وَمَعْنَى الْكَلاَمِ : وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرَ فَلِأَنْفُسِكُمْ، تُنْفِقُونَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
وَاللاَّمُ الَّتِي فِي الْفُقَرَاءِ مَرْدُودَةٌ عَلَى مَوْضِعِ اللاَّمِ فِي فَلِأَنْفُسِكُمْ، كَأَنَّهُ قَالَ :﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ يَعْنِي بِهِ : وَمَا تَتَصَدَّقُوا بِهِ مِنْ مَالَ فَلِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمَّا اعْتَرَضَ فِي الْكَلاَمِ بِقَوْلِهِ :﴿فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾، فَأَدْخَلَ الْفَاءَ الَّتِي هِيَ جَوَابُ الْجَزَاءِ فِيهِ تُرِكَتْ إِعَادَتُهَا فِي قَوْلِهِ :﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾، إِذْ كَانَ الْكَلاَمُ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ.