فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ، فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ :﴿لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ وَهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا أَوْ غَيْرَ إِلْحَافٍ ؟
قِيلَ لَهُ : وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا وَصَفَهُمْ بِالتَّعَفُّفِ وَعَرَّفَ عِبَادَهُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ مَسْأَلَةٍ بِحَالٍ بِقَوْلِهِ :﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُعْرَفُونَ بِالسِّيمَا، زَادَ عِبَادَهُ إِبَانَةً لأَمْرِهِمْ، وَحُسْنِ ثَنَاءٍ عَلَيْهِمْ بِنَفْيِ الشَّرَهِ وَالضَّرَاعَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُلِحِّينَ مِنَ السُّؤَالِ عَنْهُمْ، وقد كَانَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ نَظِيرَ قَوْلِ الْقَائِلِ : فَلَمَّا رَأَيْتُ مِثْلَ فُلاَنٍ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَرَهُ مِثْلَهُ أَحَدًا وَلاله نَظِيرًا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الإِلْحَافِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
٦٢٦١- حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ :﴿لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ قَالَ : لاَ يُلْحِفُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ.
٦٢٦٢- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ :﴿لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ قَالَ : هُوَ الَّذِي يُلِحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ.


الصفحة التالية
Icon