الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ بِذَلِكَ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَدِّقُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، اتَّقُوا اللَّهَ، يَقُولُ : خَافُوا اللَّهَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَاتَّقُوهُ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَذَرُوا يَعْنِي وَدَعُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا، يَقُولُ : اتْرُكُوا طَلَبَ مَا بَقِيَ لَكُمْ مِنْ فَضْلٍ عَلَى رُءُوسِ أَمْوَالِكُمُ الَّتِي كَانَتْ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُرْبُوا عَلَيْهَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، يَقُولُ : إِنْ كُنْتُمْ مُحَقِّقِينَ إِيمَانَكُمْ قَوْلاً، وَتَصْدِيقَكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ بِأَفْعَالِكُمْ،
وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ أَسْلَمُوا، وَلَهُمْ عَلَى قَوْمٍ أَمْوَالٌ مِنْ رِبًا كَانُوا أَرْبَوْهُ عَلَيْهِمْ، فَكَانُوا قَدْ قتَضُوا بَعْضَهُ مِنْهُمْ، وَبَقِيَ بَعْضٌ، فَعَفَا اللَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ لَهُمْ عَمَّا كَانُوا قَدْ قَبَضُوهُ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ اقْتِضَاءَ مَا بَقِيَ مِنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
٦٢٩٥- حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا﴾ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِلَى :﴿وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، سَلَّفَا فِي الرِّبَا إِلَى أُنَاسٍ مِنْ ثَقِيفٍ مِنْ بَنِي عَيْرٍه، وَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ فَجَاءَ الإِسْلاَمُ وَلَهُمَا أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ فِي الرِّبَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :﴿ذَرُوا مَا بَقِيَ﴾ مِنْ فَضْلٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ﴿مِنَ الرِّبَوا﴾.


الصفحة التالية
Icon