، وَذَلِكَ أَيْضًا لاَ يَقُولُهُ أَحَدٌ، فَقَدْ تَبَيَّنَ إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّ دَيْنَ رَبِّ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ غَرِيمِهِ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِذَا عَدِمَ مَالَهُ فَلاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَدِمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ حَقَّ صَاحِبِهِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رَقَبَتِهِ سَبِيلٌ لَمْ يَكُنْ إِلَى حَبْسِهِ معدوم بِحَقِّهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ سَبِيلٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعِهِ حَقًّا لَهُ إِلَى قَضَائِهِ سَبِيلٌ، فَيُعَاقَبُ بِظُلْمِهِ إِيَّاهُ بِالْحَبْسِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
يَعْنِي جَلَّ وَعَزَّ بِذَلِكَ : وَأَنْ تَتَصَدَّقُوا بِرُءُوسِ أَمْوَالِكُمْ عَلَى هَذَا الْمُعْسِرِ خَيْرٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ مِنْ أَنْ تُنْظِرُوهُ إِلَى مَيْسَرَتِهِ لِتَقْبِضُوا رُءُوسَ أَمْوَالِكُمْ مِنْهُ إِذَا أَيْسَرَ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ مَوْضِعَ الْفَضْلِ فِي الصَّدَقَةِ، وَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ لِمَنْ وَضَعَ عَنْ غَرِيمِهِ الْمُعْسِرِ دَيْنَهُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأَنْ تَصَدَّقُوا بِرُءُوسِ أَمْوَالِكُمْ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنْهُمْ خَيْرٌ لَكُمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
٦٣٣٥- حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ :﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ وَالْمَالُ الَّذِي لَهُمْ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ جُعِلَ لَهُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِهِمْ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ؛ فَأَمَّا الرِّبْحُ وَالْفَضْلُ فَلَيْسَ لَهُمْ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يَقُولُ وَإِنْ تَصَدَّقُوا بِأَصْلِ الْمَالِ، خَيْرٌ لَكُمْ.


الصفحة التالية
Icon