وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا ذَلِكَ فِي الْقِرَاءَةِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ قُدَمَاءِ الْقُرَّاءِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَانْفِرَادُ الأَعْمَشِ وَمَنْ قَرَأَ قِرَاءَتَهُ فِي ذَلِكَ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ عَنْهُمْ، وَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ قِرَاءَةٍ جَاءَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ مُسْتَفِيضَةٍ بَيْنَهُمْ إِلَى غَيْرِهَا،
وَأَمَّا اخْتِيَارُنَا ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، فَلاِنَّهُ بِمَعْنَى تَرْدِيَد الذِّكْرِ مِنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى وَتَعْرِيفِهَا اِياهَاءِ ذَلِكَ لِتَذَّكُّرَ، فَالتَّشْدِيدُ بِهِ أَوْلَى مِنَ التَّخْفِيفِ.
وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَتَأْوِيلٌ خَطَأٌ لاَ مَعْنًى لَهُ لِوُجُوهٍ شَتَّى : أَحَدُهَا : أَنَّهُ خِلاَفٌ لِقَوْلِ جَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِأَنَّ ضَلاَلَ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهَا إِنَّمَا هُوَ ذُهَابها عَنْهَا بِنِسْيَانِهَا إِيَّاهَا كَضَلاَلِ الرَّجُلِ فِي دَيْنِهِ إِذَا تَحَيَّرَ فِيهِ فَعَدَلَ عَنِ الْحَقِّ، وَإِذَا صَارَتْ إِحْدَاهُمَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُصَيِّرَ الأُخْرَى ذَكَرًا مَعَهَا مَعَ نِسْيَانِهَا شَهَادَتَهَا وَضَلاَلِهَا فِيهَا ؟ فَالضَّالَّةُ مِنْهُمَا فِي شَهَادَتِهَا حِينَئِذٍ لاَ شَكَّ أَنَّهَا إِلَى التَّذْكِيرِ أَحْوَجُ مِنْهَا إِلَى الإِذْكَارِ، إِلاَّ إِنْ أَرَادَ أَنَّ الذَّاكِرَةَ إِذَا ضَعُفَتْ صَاحِبَتُهَا عَنْ ذِكْرِ شَهَادَتِهَا سَتُخذِتها عَلَى ذِكْرِ مَا ضَعُفَتْ عَنْ ذِكْرِهِ فَنَسِيَتْهُ@


الصفحة التالية
Icon