، فَقَالْ بَعْضُهُمْ : لاَ نَتْرُكُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ عَامَّتُهُمْ فَلَحِقُوا بِالْعَسْكَرِ ؛ فَلَمَّا رَأَى خَالِدٌ قِلَّةَ الرُّمَاةِ صَاحَ فِي خَيْلِهِ، ثُمَّ حَمَلَ فَقَتَلَ الرُّمَاةَ، وَحَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَنَّ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ، تُبَادَرُوا فَشَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَأَتَى ابْنُ قُمَْئَةَ الْحَارِثِيُّ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ، فَرَمَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجَرٍ فَكَسَرَ أَنْفَهُ وَرَبَاعِيَتَهُ، وَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ فَأَثْقَلَهُ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَدَخَلَ بَعْضُهُمُ الْمَدِينَةَ، وَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ الْجَبَلِ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَقَامُوا عَلَيْهَا، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ : إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاَثُونَ رَجُلاً، فَجَعَلُوا يَسِيرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إِلاَّ طَلْحَةُ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَحَمَاهُ طَلْحَةُ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فِي يَدِهِ فيَبِسَتْ يَدُهُ، وَأَقْبَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ - وَقَدْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ - فَقَالَ : يَا كَذَّابُ أَيْنَ تَفِرُّمنى ؟ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعنه فِي جَنْبِ الدِّرْعِ، فَجُرِحَ جُرْحًا خَفِيفًا، فَوَقَعَ يَخُورُ خَوَرَ الثَّوْرِ، فَاحْتَمَلُوهُ وَقَالُوا : لَيْسَ بِكَ جِرَاحَةَ فيما يزعجاك، قَالَ : أَلَيْسَ قَالَ : لأَقْتُلَنَّكَ ؟ لَوْ كَانَتْ لِجَمِيعِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَقَتَلْتُهُمْ، وَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ.


الصفحة التالية
Icon