وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ يَخْتَارُ فِي قَوْلِهِ :﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ تَرْكَ إِعَادَةِ الاِسْتِفْهَامِ مَعَ ﴿أَئِنَّا﴾، اكْتِفَاءً بِالاِسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ :﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾، وَيَسْتَشْهِدُ عَلَى صِحَّةِ وَجْهِ ذَلِكَ بِاجْتِمَاعِ الْقُرَّاءِ عَلَى تَرْكِهِمْ إِعَادَةَ الاِسْتِفَهَامِ مَعَ قَوْلِهِ :﴿انْقَلَبْتُمْ﴾، اكْتِفَاءً بِالاِسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ :﴿أَفَإِنْ مَاتَ﴾ إِذَا كَانَ دَالًّا عَلَى مَعْنَى الْكَلاَمِ وَمَوْضِعِ الاِسْتِفْهَامِ مِنْهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَسَنَأْتِي عَلَى الصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً﴾
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ : وَمَا يَمُوتُ مُحَمَّدٌ وَلاَ غَيْرُهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلاَّ بَعْدَ بُلُوغِ أَجَلِهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ غَايَةً لِحَيَاتِهِ وَبَقَائِهِ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مِنَ الأَجَلِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ لَهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْمَوْتِ فَحِينَئِذٍ يَمُوتُ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَنْ تَمُوتَ بِكَيْدِ كَائِدٍ وَلاَ بِحِيلَةِ مُحْتَالٍ.
٧٩٩٣- كَمَا : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ :﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً﴾ أَيْ أَنَّ لِمُحَمَّدٍ أَجَلاً هُوَ بَالِغُهُ إِذَا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ.
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا كَانَتْ نَفْسٌ لِتَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ. @


الصفحة التالية
Icon