الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَيْسَ لَكَ يَا مُحَمَّدَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، وَلِلَّهِ جَمِيعُ مَا بَيْنَ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مِنْ مُشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا دُونَكَ وَدُونَهُمْ، يَحْكُمُ فِيهِمْ بِمَا شَاءَ، وَيَقْضِي فِيهِمْ مَا أَحَبَّ، فَيَتُوبُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ الْعَاصِينَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، ثُمَّ يَغْفِرُ لَهُ وَيُعَاقِبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى جُرْمِهِ، فَيَنْتَقِمُ مِنْهُ، وَهُوَ الْغَفُورُ الَّذِي يَسْتُرُ ذُنُوبَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ مِنْ خَلْقِهِ بتِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ، وَالرَّحِيمُ بِهِمْ فِي تَرْكِهِ عُقُوبَتَهُمْ عَاجِلاً عَلَى عَظِيمِ مَا يَأْتُونَ مِنَ الْمَآثِمِ.
٧٨٥٩- كَمَا : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ :﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أَيْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَيَرْحَمُ الْعِبَادَ عَلَى مَا فِيهِمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا فِي إِسْلاَمِكُمْ، بَعْدَ إِذْ هَدَاكُمْ لَهُ، كَمَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ، وَكَانَ أَكْلُهُمْ ذَلِكَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مَالٌ إِلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّ الأَجَلُ طَلَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ : أَخِّرْ عَنَى دَيْنَكَ وَأَزِيدُكَ عَلَى مَالِكَ فَيَفْعَلاَنِ ذَلِكَ، فَذَلِكَ هُوَ الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِسْلاَمِهِمْ عَنْهُ.