يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ بِقَوْلِهِ :﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ أُعِدَّتِ الْجَنَّةُ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ لِلْمُتَّقِينَ، وَهُمُ الْمُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِمَّا فِي صَرْفِهِ عَلَى مُحْتَاجٍ، وَإِمَّا فِي تَقْوِيَةِ مُضْعَفٍ عَلَى النُّهُوضِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿فِي السَّرَّاءِ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي : فِي حَالِ السُّرُورِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ، وَرَخَاءِ الْعَيْشِ،
وَالسَّرَّاءُ : مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ سَرَّنِي هَذَا الأَمْرُ مَسَرَّةً وَسُرُورًا ؛
وَالضَّرَّاءُ : مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : قَدْ ضُرَّ فُلاَنٌ فَهُوَ يُضَرُّ إِذَا أَصَابَهُ الضُّرُّ، وَذَلِكَ إِذَا أَصَابَهُ الضِّيقُ وَالْجَهْدُ فِي عَيْشِهِ.
٧٨٧٥- كَمَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ :﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ﴾ وَالضَّرَّاءِ يَقُولُ : فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ،
فَأُخْبِرَ جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّ الْجَنَّةَ الَّتِي وَصَفَ صِفَتَهَا لِمَنِ اتَّقَاهُ وَأَنْفَقَ مَالَهُ فِي حَالِ الرَّخَاءِ وَالسَّعَةِ وَفِي حَالِ الضِّيقِ وَالشِّدَّةِ فِي سَبِيلِهِ
وَقَوْلُهُ :﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ يَعْنِي : وَالْجَارِعِينَ الْغَيْظَ عِنْدَ امْتِلاَءِ نُفُوسِهِمْ مِنْهُ، يُقَالُ مِنْهُ : كَظَمَ فُلاَنٌ غَيْظَهُ : إِذَا تَجَرَّعَهُ فَحَفِظَ نَفْسَهُ مِنْ أَنَّ تُمْضِيَ مَا هِيَ قَادِرَةٌ عَلَى إِمْضَائِهِ بِاسْتِمْفَانِهَا مِمَّنْ غَاظَهَا وَانْتَصَارَهَا مِمَّنْ ظَلَمَهَا.


الصفحة التالية
Icon