وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾ فَإِنَّهُ كَمَا بَيَّنَّا تَأْوِيلَهُ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ يَقُولُونَ.
٧٨٩٣- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ :﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ أَيْ إِنْ أَتَوْا فَاحِشَةً ﴿أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بِمَعْصِيَةٍ ذَكَرُوا نَهْيَ اللَّهِ عَنْهَا، وَمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَنْهَا، فَاسْتَغْفَرُوا لَهَا، وَعَرَفُوا أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا هُوَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ فَإِنَّ اسْمَ اللَّهِ مَرْفُوعٌ، وَلاَ جَحْدَ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ مَا بَعْدَ إِلاَّ بِإِتْبَاعِهِ مَا قَبْلَهُ إِذَا كَانَ نَكِرَةً وَمَعَهُ جَحْدٌ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ إِلاَّ أَخُوكَ ؛ فَأَمَّا إِذَا قِيلَ : قَامَ الْقَوْمُ إِلاَّ أَبَاكَ، فَإِنَّ وَجْهَ الْكَلاَمِ فِي الأَبِ النَّصَبُ. وَ مَنْ بِصِلَتِهِ فِي قَوْلِهِ :﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ مَعْرِفَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَاءَ رَفْعًا ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلاَمِ : وَهَلْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ ؟ أَوْ مَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، فَرُفِعَ مَا بَعْدَ إِلاَّ مِنَ اللَّهِ عَلَى تَأْوِيلِ الْكَلاَمِ، لا عَلَى لَفْظِهِ.


الصفحة التالية
Icon