، فَقَالَ :﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ وَلَوْ كَانَ الْمُوَاقِعُ الذَّنْبَ مُصِرًّا بِمُوَاقَعَتِهِ إِيَّاهُ، لَمْ يَكُنْ لِلاِسْتِغْفَارِ وَجْهٌ مَفْهُومٌ ؛ لِأَنَّ الاِسْتِغْفَارَ مِنَ الذَّنْبِ إِنَّمَا هُوَ التَّوْبَةُ مِنْهُ وَالنَّدَمُ، وَلاَ يُعْرَفُ لِلاِسْتِغْفَارِ مِنْ ذَنْبٍ لَمْ يُوَاقِعْهُ صَاحِبُهُ وَجْهٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً
٧٩٠٠- حَدَّثَنِي بِذَلِكَ الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ السَّبِيعِيُّ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ، عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَوْ كَانَ مُوَاقِعُ الذَّنْبِ مُصِرًّا، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً مَعْنًى، لِأَنَّ مُوَاقَعَةَ الذَّنْبِ، إِذَا كَانَتْ هِيَ الإِصْرَارَ، فَلاَ يُزِيلُ الاِسْمُ الَّذِي لَزِمَهُ مَعْنَى غَيْرِهِ كَمَا لاَ يُزِيلُ عَنِ الزَّانِي اسْمَ زَانٍ، وَعَنِ الْقَاتِلِ اسْمَ قَاتِلٍ تَوْبَتُهُ مِنْهُ، وَلاَ مَعْنَى غَيْرِهَا، وَقَدْ أَبَانَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّ الْمُسْتَغْفِرَ مِنْ ذَنْبِهِ غَيْرُ مُصِرٍّ عَلَيْهِ، فَمَعْلُومٌ بِذَلِكَ أَنَّ الإِصْرَارَ غَيْرُ الْمُوَاقَعَةِ وَأَنَّهُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ عَلَى مَا قُلْنَا قَبْلُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِمْ :﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ أَذْنَبُوا.


الصفحة التالية
Icon