٩٧٨٨- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ : تَذاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ إِسْلاَمَ كَعْبٍ، فَقَالَ : أَسْلَمَ كَعْبٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ، أَقْبَلَ وَهُوَ يُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ : يَا كَعْبُ أَسْلِمْ. قَالَ : أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابِكُمْ :﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ وَأَنَا قَدْ حُمِّلْتُ التَّوْرَاةَ. قَالَ : فَتَرَكَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حِمْصَ قَالَ : فَسَمِعَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِهَا حَزِينًا، وَهُوَ يَقُولُ :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ الآيَةُ، فَقَالَ كَعْبٌ : يَا رَبِّ أَسْلَمْتُ. مَخَافَةَ أَنْ تُصِيبَهُ هذه الآيَةُ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَى أَهْلَهُ بِالْيَمَنِ، ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ مُسْلِمِينَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاَ﴾
يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ﴾ أَوْ نَلْعَنَكُمْ، فَنُخْزِيَكُمْ، وَنَجْعَلَكُمْ قِرَدَةً ﴿كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ﴾ يَقُولُ : كَمَا أَخْزَيْنَا الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ مِنْ أَسْلافِكُمْ، قِيلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ :﴿آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾ كَمَا قَالَ :﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا﴾.
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَ أَصْحَابَ الْوُجُوهِ، فَجَعَلَ الْهَاءَ وَالْمِيمَ فِي قَوْلِهِ :﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ﴾ مِنْ ذِكْرِ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ، إِذْ كَانَ فِي الْكَلاَمِ دَلاَلَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.


الصفحة التالية
Icon