الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ الشِّرْكَ بِهِ وَالْكُفْرَ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ فان الله لايغفر الشرك به الكفر مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَالآثَامِ.
وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلامِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ :﴿أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ يَغْفِرُ عَلَيْهَا وَإِنْ شِئْتَ قلت بِفَقْدِ الْخَافِضِ الَّذِي كَانَ يَخْفِضُهَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا، وَذَلِكَ أَنْ يُوَجَّهَ مَعْنَاهُ : إِلَى أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ بِأَنْ يُشْرَكَ بِهِ عَلَى تَأْوِيلِ الْجَزَاءِ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ ذَنْبًا مَعَ شِرْكٍ أَوْ عَنْ شِرْكٍ.
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَتَوَجَّهُ أَنْ تَكُونَ أَنْ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon