وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بِدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَلاَ غَيْرَهُمْ مِنْ خَلْقِهِ، فَيَبْخَسُهُمْ فِي تَرْكِهِ تَزْكِيَتَهُمْ، وَتَزْكِيَةِ مَنْ تَرَكَ تَزْكِيَتَهُ، وَفِي تَزْكِيَةِ مَنْ زَكَّى مِنْ خَلْقِهِ شَيْئًا مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلاَ يَضَعُ شَيْئًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَكِنَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، فَيُوَفِّقُهُ، وَيَخْذُلُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَهْلِ مَعَاصِيهِ ؛ كُلُّ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ، وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَحَدًا مِمَّنْ زَكَّاهُ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ فَتِيلاً.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْفَتِيلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَا خَرَجَ مِنْ بَيْنَ الأُصْبُعَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الْوَسَخِ إِذَا فَتَلْتَ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
٩٨٠٨- حَدَّثنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قال حدثنا محمد بن الصلت قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ قَابُوسَ، ابن ابى ظبيان عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : الْفَتِيلُ : مَا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أُصْبُعَيْكِ.


الصفحة التالية
Icon