٩٨٢٥- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ : الْفَتِيلُ : الَّذِي فِي بَطْنِ النَّوَاةِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَصْلُ الْفَتِيلِ : الْمَفْتُولُ، صُرِفَ عِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ : صَرِيعٌ وَدَهِينٌ مِنْ مَصْرُوعٍ وَمَدْهُونٍ.
وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ :﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ الْخَبَرَ عَنْ أَنَّهُ لاَ يَظْلِمْ عِبَادَهُ أَقَلَّ الأَشْيَاءِ الَّتِي لاَ خَطَرَ لَهَا، فَكَيْفَ بِمَا لَهُ خَطَرٌ، وَكَانَ الْوَسَخُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أُصْبُعَيِ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ بَيْنِ كَفَّيْهِ إِذَا فَتَلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى، كَالَّذِي هُوَ فِي شِقِّ النَّوَاةِ وَبَطْنِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مَفْتُولَةٌ، مِمَّا لاَ خَطَرَ لَهُ وَلاَ قِيمَةَ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذَلِكَ دَاخِلاَ فِي مَعْنَى الْفَتِيلِ، إِلا أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهَرُ التَّنْزِيلِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : انْظُرْ يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ يَفْتَرِي هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْقَائِلُونَ : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى، الزَّاعِمُونَ أَنَّهُ لاَ ذُنُوبَ لَهُمُ الْكَذِبَ وَالزُّورَ مِنَ الْقَوْلِ، فَيَخْتَلِقُونَهُ عَلَى اللَّهِ. ﴿وَكَفَى بِهِ﴾ يَقُولُ : وَحَسْبُهُمْ بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ الْكَذِبُ وَالزُّورُ عَلَى اللَّهِ ﴿إِثْمًا﴾ لهم ﴿مُبِينًا﴾ يَعْنِي : أَنَّهُ يُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ لِسَامِعِيهِ، وَيُوَضِّحُ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَفَكَةٌ فَجَرَةٌ.


الصفحة التالية
Icon