الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُخْتَالَ الْفَخُورَ، الَّذِي يَبْخَلُ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالْبُخْلِ. فَالَّذِينَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ ﴿فَخُورًا﴾ مِنْ ذَكر، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى النَّعْتِ لِمِنْ.
وَالْبُخْلُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ مَنْعُ الرَّجُلِ سَائِلَهُ مَا لَدَيْهِ وَعِنْدَهُ مِنْ فَضْلٍ عَنْهُ. كَمَا :.
٩٥٤٥- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي قَوْلِهِ :﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ قَالَ : الْبُخْلُ : أَنْ يَبْخَلَ الأَنْسَانُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَالشُّحُّ : أَنْ يَشِحَّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ. قَالَ : يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ بِالْحِلِّ وَالْحَرَامِ لا يَقْنَعُ.
وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءَ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ :﴿وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ :(بِالْبَخَلِ)، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْخَاءِ. وَقَرَأتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ بِضَمِّ الْبَاءِ :﴿بِالْبُخْلِ﴾ وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيِ الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِرَاءَتِهِ. @


الصفحة التالية
Icon