فَقَالَ لَهُمْ : وَمَا شَأْنُكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَنْ مُسْتَضْعَفِي أَهْلِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمُ الَّذِينَ قَدِ اسْتَضْعَفَهُمُ الْكُفَّارُ فَاسْتَذَلُّوهُمُ ابْتِغَاءَ فِتْنَتِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ دِينِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ جَمْعُ وَلَدٍ : وَهُمُ الصِّبْيَانُ. ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ هَؤُلاَءِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ يَقُولُونَ فِي دُعَائِهِمْ رَبَّهُمْ بِأَنْ يُنْجِيهِمْ مِنْ فِتْنَةِ مَنْ قَدِ اسْتَضْعَفَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : يَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَدِينَةٍ قَرْيَةً، يَعْنِي : الَّتِي قَدْ ظَلَمَتْنَا وَأَنْفَسُهَا أَهْلُهَا. وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِيمَا فَسَّرَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ مَكَّةُ
وَخَفَضَ الظَّالِمَ، لِأَنَّهُ مِنْ صِفَةِ الأَهْلِ، وَقَدْ عَادَتِ الْهَاءُ وَالأَلِفُ اللَّتَانِ فِيهِ عَلَى الْقَرْيَةِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ إِذَا تَقَدَّمَتْ صِفَةُ الاسْمِ الَّذِي مَعَهُ كنايه لاسْمٍ قَبْلَهَا أَتْبَعَتْ إِعْرَابَهَا إِعْرَابَ الاسْمِ الَّذِي قَبْلَهَا كَأَنَّهَا صِفَةٌ لَهُ، فَتَقُولُ : مَرَرْتُ بِالرَّجُلِ الْكَرِيمِ أَبُوهُ.
﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا فِي دُعَائِهِمْ : يَا رَبَّنَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ عِنْدِكَ وَلِيًّا يَلِي أَمْرَنَا بِالْكِفَايَةِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ فِتْنَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ بِكَ ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ يَقُولُونَ : وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ عِنْدِكَ مَنْ يَنُصُرُنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، بِصَدِّهِمْ إِيَّانَا عَنْ سَبِيلِكَ حَتَّى تُظْفِرَنَا بِهِمْ وَنُعْلِيَ دِينَكَ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.