يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ : الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَيْقَنُوا بِمَوْعُودِ اللَّهِ لِأَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَقُولُ : فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمِنْهَاجِ دِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ الَّتِي شَرَعَهَا لِعِبَادِهِ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ يَقُولُ : وَالَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ يَعْنِي : فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَطَرِيقِهِ وَمِنْهَاجِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ. يَقُولُ اللَّهُ مُقَوِّيًا عَزْمَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُحَرِّضَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِ وَأَعْدَاءِ دِينِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِهِ ﴿فَقَاتِلُوا﴾ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ﴿أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ : الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَيُطِيعُونَ أَمْرَهُ فِي خِلاَفِ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّكْذِيبِ بِهِ وَيَنْصُرُونَهُ ﴿إِنَّ كَيَدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ يَعْنِي بِكَيْدِهِ : مَا كَادَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تَحْزِيبِهِ أَوْلِيَاءَهُ مِنَ الْكُفَّارِ بِاللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ وَأَوْلِيَائِهِ أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ. يَقُولُ : فَلاَ تَهَابُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّمَا هُمْ حِزْبُهُ وَأَنْصَارُهُ، وَحِزْبُ الشَّيْطَانِ أَهْلُ وَهَنٍ وَضَعْفٍ. وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالضَّعْفِ، لِأَنَّهُمْ لا يُقَاتِلُونَ رَجَاءَ ثَوَابٍ، وَلاَ يَتْرُكُونَ الْقِتَالَ خَوْفَ عِقَابٍ، وَإِنَّمَا يُقَاتِلُونَ حَمِيَّةً أَوْ حَسَدًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ رَجَاءَ الْعَظِيمِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ، وَيَتْرُكُ الْقِتَالَ إِنْ تَرَكَهُ عَلَى خَوْفٍ مِنْ وَعِيدِ اللَّهِ فِي تَرْكِهِ، فَهُوَ يُقَاتِلُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ، وَبِمَا لَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالظَّفَرِ إِنْ سَلِمَ. وَالْكَافِرُ يُقَاتِلُ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الْقَتْلِ، وَإِيَاسَ مِنْ مَعَادٍ، فَهُوَ ذُو ضَعْفٍ وَخَوْفٍ.