الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَيُّ شَيْءٍ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ، وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ، لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، لَوْ صَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَخْلَصُوا لَهُ التَّوْحِيدَ، وَأَيْقَنُوا بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَصَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّهَ مُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ يَقُولُ وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمُ الَّتِي رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُمُوهَا طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُهُمْ، وَلَمْ يُنْفِقُوهَا رِئَاءَ النَّاسِ الْتِمَاسَ الذِّكْرِ وَالْفَخْرِ عِنْدَ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَالْمَحْمَدَةِ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ اللَّهُ بِهَؤُلاَءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ نِفَاقًا، وَهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ مُكَذِّبُونَ، عَلِيمًا، يَقُولُ : ذَا عِلْمٍ بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ وَمَا يَقْصُدُونَ وَيُرِيدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ، وَمَا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَالْمَحْمَدَةَ فِي النَّاسِ، وَهُوَ حَافِظٌ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمُ، لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُجَازِيَهُمْ بِهَا جَزَاءَهُمْ عِنْدَ مَعَادِهِمْ إِلَيْهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَبْخَسُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِهِ مِمَّا رَزَقَهُ مِنْ ثَوَابِ نَفَقَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَلاَ مِنْ أَجْرِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ يعنى ميزان ذره أَيْ مَا يَزِنُهَا وَيَكُونُ عَلَى قَدْرِ ثِقَلِهَا فِي الْوَزْنِ، وَلَكِنَّهُ يُجَازِيهِ بِهِ، وَيُثِيبُهُ عَلَيْهِ. كَمَا :.