قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : يَتَيَمَّمُ الْمُصَلِّي لِكُلِّ صَلاَةٍ لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ لِلتَّطَهُّرِ لَهَا فَرْضًا لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ كُلَّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلاَةِ بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَالتَّيَمُّمُ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْقَائِمُ إِلَى الصَّلاَةِ مَنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قِيَامُهُ إِلَيْهَا الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُ، فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْوُضُوءِ عَنْهُ بِالسُّنَّةِ. وَأَمَّا الْقَائِمُ إِلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَامُهُ إِلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ لِصَلاَةٍ قَبْلَهَا، فَفَرْضُ التَّيَمُّمِ لَهُ لاَزِمٌ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ بَعْدَ طَلَبِهِ الْمَاءَ إِذَا أَعْوَزَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ عَفُوًّا عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ وَتَرْكِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى كَثِيرِ مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ، كَمَا عَفَا لكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ قِيَامِكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴿غَفُورًا﴾ يَقُولُ : فَلَمْ يَزَلْ يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ ذُنُوبَهُمْ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَهُمُ الْعَذَابَ عَلَى خَطَايَاهُمْ، كَمَا سَتَرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتَكُمْ عَلَى صَلاَتِكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ سُكَارَى. يَقُولُ : فَلاَ تَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَيَنَالُكُمْ بِعَوْدِكُمْ لِمَا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْكَلَةٌ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾.


الصفحة التالية
Icon