هَذَا خَبَرٌ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ سَعِيدًا غَيْرُ مَعْلُومٍ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ سَلْمَانَ، وَالثِّقَاتُ مِنْ أَهْلِ الآثَارِ يَقِفُونَ هَذَا الْكَلاَمَ عَلَى سَلْمَانَ وَيَرْوُونَهُ عَنْهُ مِنْ قِبَلِهِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْحُفَّاظُ الثِّقَاتُ إِذَا تَتَابَعُوا عَلَى نَقْلِ شَيْءٍ بِصِفَةٍ فَخَالَفَهُمْ وَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ لَيْسَ لَهُ حِفْظُهُمْ، كَانَتِ الْجَمَاعَةُ الأَثْبَاتُ أَحَقَّ بِصِحَّةِ مَا نَقَلُوا مِنَ الْفَرْدِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ حِفْظُهُمْ. وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ فِي الْكَلْبِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ مِنَ الصَّيْدِ فَغَيْرُ مُعَلَّمٍ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ جَارِحَةٍ فِي أَنَّ مَا أَكَلَ مِنْهَا مِنَ الصَّيْدِ فَغَيْرُ مُعَلَّمٍ، لاَ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ صَيْدِهِ إِلاَّ أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾
يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ فَكُلُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِمَّا أَمْسَكَتْ عَلَيْكُمْ جَوَارِحُكُمْ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْعُمُومِ كَمَا عَمََّهُ اللَّهُ حَلالٌ أَكْلُ كُلِّ مَا أَمْسَكَتْ عَلَيْنَا الْكِلاَبُ وَالْجَوَارِحُ الْمُعَلَّمَةُ مِنَ الصَّيْدِ الْحَلاَلِ أَكْلُهُ، أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ وَالْكِلابُ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، @