فَذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَظَاهِرِهِ حَتَّى تَأْتِيَ حُجَّةٌ بِخُصُوصِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا. وَأَمَّا النَّعَمُ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْعَرَبِ : اسْمٌ لِلإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ خَاصَّةً،  كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ ثُمَّ قَالَ :﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ فَفَصَلَ جِنْسَ النَّعَمِ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ.
وَأَمَّا بَهَائِمُهَا فَإِنَّهَا أَوْلاَدُهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا : يَلْزَمُ الْكِبَارَ مِنْهَا اسْمُ بَهِيمَةٍ كَمَا يَلْزَمُ الصِّغَارَ،  لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ،  نَظِيرُ قَوْلِهِ : وَلَدُ الأَنْعَامِ ؛ فَكَمَّا لاَ لاَ يَسْقُطُ مَعْنَى الْوِلاَدَةِ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ،  فَكَذَلِكَ لاَ يَسْقُطُ عَنْهُ اسْمُ الْبَهِيمَةِ بَعْدَ الْكِبَرِ.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ : وَحْشُِّهَا كَالظِّبَاءِ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَالْحُمُرِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾.
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ :﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنَى اللَّهُ بِذَلِكَ : أُحِلَّتْ لَكُمْ أَوْلاَدُ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ،  إِلاَّ مَا بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ بِقَوْلِهِ :﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ الآيَةُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
١٠٩٩٢- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو،  قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ،  قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى،  عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،  عَنْ مُجَاهِدٍ :﴿بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ إِلاَّ الْمَيْتَةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا.