الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ﴾
أَمَّا الْهَدْي : فَهُوَ مَا أَهْدَاهُ الْمَرْءُ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، تَقَرُّبًا بِهِ إِلَى اللَّهِ وَطَلَبَ ثَوَابِهِ.
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَلاَ تَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ فَتُغْضِبُوه أَهْلَهُ عَلَيْهِ، وَلاَ تَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا أَهْدَوْا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْلُغُوا محله من الحرم ولكن خلوهم واياه حتى يَبْلُغُوا بِهِ الْمَحِلَّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ مَحِلَّهُ مِنْ كَعْبَتِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْهَدْيَ إِنَّمَا يَكُونُ هَدْيًا مَا لَمْ يُقَلَّدْ.
١١٠١٢- حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿وَلاَ الْهَدْيَ﴾ قَالَ : الْهَدْي مَا لَمْ يُقَلَّدْ، وَقَدْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُهْدِيَهُ وَيُقَلِّدَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَلاَ الْقَلاَئِدَ﴾ فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلاَ تُحِلُّوا أَيْضًا الْقَلاَئِدَ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْقَلاَئِدِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ إِحْلاَلِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَنَى بِالْقَلاَئِدِ : قَلاَئِدَ الْهَدْيِ ؛ وَقَالُوا : إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ :﴿وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ﴾ وَلاَ تُحِلُّوا الْهَدَايَا الْمُقَلَّدَاتِ مِنْهَا وَغَيْرَ الْمُقَلَّدَاتِ ؛ فَقَوْلُهُ :﴿وَلاَ الْهَدْيَ﴾ مَا لَمْ يُقَلَّدْ مِنَ الْهَدَايَا ﴿وَلاَ الْقَلاَئِدَ﴾ الْمُقَلَّدُ مِنْهَا قَالُوا : وَدَلَّ بِقَوْلِهِ :﴿وَلاَ الْقَلاَئِدَ﴾ عَلَى مَعْنَى مَا أَرَادَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ اسْتِحْلاَلِ الْهَدَايَا الْمُقَلَّدَةِ.