يَقُولُ لَهُمْ : لاَ تَغْتَرُّوا بِمَكَانِ أُولَئِكَ مِنِّي، وَمَنَازِلِهِمْ عِنْدِي، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا نَالُوا مِنِّي بِالطَّاعَةِ لِي، وَإِيثَارِ رِضَايَ عَلَى مَحَابِّهِمْ، لا بِالإِمَانِيِّ، فَجُدُّوا فِي طَاعَتِي، وَانْتَهُوا إِلَى أَمْرِي، وَانْزَجِرُوا عَمَّا نَهَيْتُهُمْ عَنْهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا أَغْفِرُ ذُنُوبَ مَنْ أَشَاءُ أَنْ أَغْفِرَ ذُنُوبَهُ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِي، وَأُعَذِّبُ مَنْ أَشَاءُ تَعْذِيبَهِ مِنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِي، لاَ لِمَنْ قَرُبَتْ زُلْفَةُ آبَائِهِ مِنِّي، وَهُوَ لِي عَدُوٌّ وَلِأَمْرِي وَنَهْيِي مُخَالِفٌ.
وَكَانَ السُّدِّيُّ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِمَا :
١١٦٧٢- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ : قَوْلُهُ :﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ يَقُولُ : يَهْدِي مِنْكُمْ مَنْ يَشَاءُ فِي الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لَهُ، وَيُمِيتُ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمْ عَلَى كُفْرِهِ فَيُعَذِّبُهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
يَقُولُ : لِلَّهِ تَدْبِيرُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَتَصْرِيفُهُ، وَبِيَدِهِ أَمْرُهُ، وَلَهُ مُلْكُهُ، يَصْرِفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ وَيُدَبِّرُهُ كَيْفَ أَحَبَّهُ، لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلاَ لِأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِ مُلْكٌ، فَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْقَائِلُونَ : نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، أَنَّهُ إِنْ عَذَّبَكُمْ بِذُنُوبِكُمْ، لَمْ يَكُنْ لَكُمْ مِنْهُ مَانِعٌ وَلاَ لَكُمْ عَنْهُ دَافِعٌ ؛ لِأَنَّهُ لاَ نَسَبَ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَهُ فَيُحَابِيهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلاَ لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ تعذيبه بذنبه وَمَرْجِعِهِ. فَاتَّقُوا أَيُّهَا الْمُفْتَرُونَ عِقَابَهُ إِيَّاكُمْ عَلَى ذُنُوبِكُمْ بَعْدَ مَرْجِعِكُمْ إِلَيْهِ، وَلاَ تَغْتَرُّوا بِالإِمَانِيِّ وَفَضَائِلِ الآبَاءِ وَالإِسْلاَفِ.


الصفحة التالية
Icon