١١١١٢- حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ أَشْهَبَ، قَالَ : سُئِلَ مَالِكٌ، عَنِ السَّبُعُ، يَعْدُو عَلَى الْكَبْشِ، فَيَدُقُّ ظَهْرَهُ، أَتَرَى أَنْ يُذَكَّى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَيُؤْكَلَ ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ بَلَغَ السَّحْرَ، فَلا أَرَى أَنْ يُؤْكَلَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَصَابَ أَطْرَافَهُ، فَلاَ أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. قِيلَ لَهُ : وَثَبَ عَلَيْهِ فَدَقَّ ظَهْرَهُ ؟ قَالَ : لاَ يُعْجِبُنِي أَنْ يُؤْكَلَ، هَذَا لاَ يَعِيشُ مِنْهُ. قِيلَ لَهُ : فَالذِّئْبُ يَعْدُو عَلَى الشَّاةِ فَيَشُقُّ بَطْنَهَا وَلاَ يَشُقُّ الأَمْعَاءَ ؟ قَالَ : إِذَا شَقَّ بَطْنَهَا فَلاَ أَرَى أَنْ تُؤْكَلَ
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :﴿إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا.
فَيَكُونَ تَأْوِيلُ الآيَةِ : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ، وَسَائِرُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي أَحْلَلْتُهَا لَكُمْ بِالتَّذْكِيَةِ حَلاَلٌ.
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ :﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ الصِّفَةَ الَّتِي هُوَ بِهَا قَبْلَ حَالِ مَوْتِهِ، فَيُقَالَ : لِمَا قَرَّبَ الْمُشْرِكُونَ لِآلِهَتِهِمْ فَسَمَّوْهُ لَهُمْ : هُوَ ﴿مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ بِمَعْنَى : سُمِّيَ قُرْبَانًا لِغَيْرِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ الْمُنْخَنِقَةُ : إِذَا انْخَنَقَتْ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَهِيَ مُنْخَنِقَةٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بَعْدَ قَوْلِهِ :﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ فَإِنَّهُ يُوصَفْ بِالصِّفَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ الْمُحَلِّلَةِ دُونَ الْمَوْتِ بِالسَّبَبِ الَّذِي كَانَ بِهِ مَوْصُوفًا. @