فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا جعْلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : قَدْ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَرْضٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ : لَمْ يَنْزِلْ ؟
قِيلَ لِأَنَّ الَّذِي قَالَ لَمْ يَنْزِلْ، مُخْبِرٌ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ نُزُولَ فَرْضٍ، وَالنَّفْي لاَ يَكُونُ شَهَادَةً، وَالشَّهَادَةُ قَوْلُ مَنْ قَالَ : نَزَلَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ دَفْعُ خَبَرِ الصَّادِقِ فِيمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَادِقًا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾
يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَأَتْمَمْتُ نِعْمَتِي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِإِظْهَارِكُمْ عَلَى عَدُوِّي وَعَدُوِّكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَفْيِي إِيَّاهُمْ عَنْ بِلاَدِكُمْ، وَقَطْعِي طَمَعَهُمْ مِنْ رُجُوعِكُمْ، وَعَوْدِكُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
١١١٥٤- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : كَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ يَحُجُّونَ جَمِيعًا، فَلَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةُ، فَنَفَى الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْبَيْتِ، وَحَجَّ الْمُسْلِمُونَ لاَ يُشَارِكُهُمْ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ :﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾.
١١١٥٥- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ :﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ الآيَةُ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، حِينَ نَفَى اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَخْلَصَ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَّهُمْ.