وَأَمَّا الْمُتَجَانِفُ لِلإِثْمِ، فَإِنَّهُ الْمُتَمَايِلُ لَهُ، الْمُنْحَرِفُ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُرَادٌ بِهِ الْمُتَعَمِّدُ لَهُ الْقَاصِدُ إِلَيْهِ، مِنْ جَنَفَ الْقَوْمُ عَلَيَّ إِذَا مَالُوا، وَكُلُّ أَعْوَجَ فَهُوَ أَجْنَفُ عِنْدَ الْعَرَبِ
وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْجَنَفِ بِشَوَاهِدِهِ فِي قَوْلِهِ :﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصِ جَنَفًا﴾ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا تَجَانُفُ آكِلِ الْمَيْتَةِ فِي أَكْلِهَا وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ أَكْلَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الآيَةِ لِلإِثْمِ فِي حَالِ أَكْلِهِ، فَهُوَ تَعَمُّدُهُ الأَكْلَ لِغَيْرِ دَفْعِ الضَّرُورَةِ النَّازِلَةِ بِهِ، وَلَكِنْ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَخِلاَفِ أَمْرِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ تَرْكِ أَكْلِ ذَلِكَ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
١١١٨٢- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ﴾ يَعْنِي : إِلَى مَا حَرَّمَ مِمَّا سَمَّى فِي صَدْرِ هَذِهِ الآيَةِ :﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ﴾ يَقُولُ : غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لإِثْمٍ.


الصفحة التالية
Icon