يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ : احْذَرُوا يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ لَهُمْ : مَاذَا أَجَابَتْكُمْ أُمَمُكُمْ فِي الدُّنْيَا ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾.
فَـ ﴿إِذْ﴾ مِنْ صِلَةِ ﴿أُجِبْتُمْ﴾، كَأَنَّ مَعْنَاهَا : مَاذَا أَجَابَتْ عِيسَى الأُمَمُ الَّتِي أُرْسِلَ إِلَيْهَا عِيسَى.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ سُئِلَتِ الرُّسُلُ عَنْ إِجَابَةِ الأُمَمِ إِيَّاهَا فِي عَهْدِ عِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ عِيسَى مِنَ الرُّسُلِ إِلاَّ أَقَلَّ ذَلِكَ ؟.
قِيلَ : جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَنَى بِقَوْلِهِ :﴿فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ﴾ الرُّسُلَ الَّذِينَ كَانُوا أُرْسِلُوا فِي عَهْدِ عِيسَى، فَخَرَجَ الْخَبَرُ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ فِي عَهْدِ عِيسَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ وَالْمُرَادُ : وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُ الْكَلاَمِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ.
وَمَعْنَى الْكَلاَمِ :﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ﴾ حِينَ قَالَ ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ يَقُولُ : يَا عِيسَى، اذْكُرْ أَيَادِيَّ عِنْدَكَ وَعِنْدَ وَالِدَتِكَ، إِذْ قَوَّيْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَأَعَنْتُكَ بِهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ﴿أَيَّدْتُكَ﴾ مَا هُوَ مِنَ الْفِعْلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ فَعَّلْتُكَ، كَمَا فِي قَوْلِكَ : قَوَّيْتُكَ، فَعَّلْتُ مِنَ الْقُوَّةِ.


الصفحة التالية
Icon