وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾، فَإِنَّ الأُولَى مِنْ تَأْوِيلِهِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : تَأْوِيلُهُ لِلأَحْيَاءِ مِنَّا الْيَوْمَ وَمَنْ يَجِيءُ بَعْدَنَا مِنَّا لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ :﴿تَكُونُ لَنَا عِيدًا﴾، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الأَغْلَبُ مِنْ مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَآيَةً مِنْكَ﴾ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَعَلاَمَةً وَحُجَّةً مِنْكَ يَا رَبِّ عَلَى عِبَادِكَ فِي وَحْدَانِيَّتِكَ، وَفِي صِدْقِي عَلَى أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِمْ بِمَا أَرْسَلْتَنِي بِهِ. ﴿وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ : وَأَعْطِنَا مِنْ عَطَائِكَ، فَإِنَّكَ يَا رَبِّ خَيْرُ مَنْ يُعْطِي، وَأَجْوَدُ مَنْ تَفَضَّلَ، لِأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ عَطَاءَهُ مَنٌّ وَلاَ نَكَدٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَائِدَةِ، هَلْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ أَمْ لاَ ؟ وَمَا كَانَتْ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَزَلَتْ وَكَانَتْ حُوتًا وَطَعَامًا، فَأَكَلَ الْقَوْمُ مِنْهَا، وَلَكِنَّهَا رُفِعَتْ بَعْدَمَا نَزَلَتْ بِأَحْدَاثٍ مِنْهُمْ أَحْدَثُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٣٠٥٥- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ : نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ خُبْزًا وَسَمَكًا.
١٣٠٥٦- حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ : الْمَائِدَةُ سَمَكَةٌ فِيهَا طَعْمُ كُلِّ طَعَامٍ.
١٣٠٥٧- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ : الْمَائِدَةُ : سَمَكٌ فِيهِ مِنْ طَعْمِ كُلِّ طَعَامٍ.


الصفحة التالية
Icon