وَأَمَّا النَّصْبُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَتَوَجَّهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ إِضَافَةَ (يَوْمَ) مَا لَمْ تَكُنْ إِلَى اسْمٍ تَجْعَلُهُ نَصْبًا، لِأَنَّ الإِضَافَةِ غَيْرُ مَحْضَةٍ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الإِضَافَةُ مَحْضَةً إِذَا أُضِيفَ إِلَى اسْمٍ صَحِيحٍ. وَنَظِيرُ الْيَوْمِ فِي ذَلِكَ الْحِينُ وَالزَّمَانُ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنَ الأَزْمِنَةِ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ :
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا | وَقُلْتُ أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ |
وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ :(﴿هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ﴾) بِنَصْبِ الْيَوْمِ عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْوَقْتِ وَالصِّفَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلاَمِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَ عِيسَى حِينَ قَالَ :﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ :﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فَقَالَ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ : هَذَا الْقَوْلُ النَّافِعُ أَوْ هَذَا الصِّدْقُ النَّافِعُ يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، فَالْيَوْمَ وَقْتُ الْقَوْلِ وَالصِّدْقِ النَّافِعِ.