١٣١٤٥- حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ يَعْنِي التَّحْرِيفِ : هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَرَّقُوا كُتُبَهُمْ وَدِينَهُمْ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُمْ، فَلَبَسَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا لَبَسُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْلُ أَنَّ هَذِهِ الآيَاتِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ بِأَنْ تَكُونَ فِي أَمْرِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبْدَةِ الأَوْثَانِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِأَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَلِّيًا عَنْهُ بِوَعِيدِهِ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِهِ عُقُوبَةَ مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مِنْ أَذَى الاِسْتِهْزَاءِ بِهِ وَالاِسْتِخْفَافِ فِي ذَاتِ اللَّهِ : هَوِّنْ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مَا أَنْتَ لاَقٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِكَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِحَقِّكَ فِي وَفِي طَاعَتِي، وَامْضِ لِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيدِي وَالإِقْرَارِ بِي وَالإِذْعَانِ لِطَاعَتِي فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَادَوْا فِي غَيِّهِمْ وَأَصَرُّوا عَلَى الْمُقَامِ عَلَى كُفْرِهِمْ، نَسْلُكُ بِهِمْ سَبِيلَ أَسْلاَفِهِمْ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ غَيْرِهِمْ مِنْ تَعْجِيلِ النِّقْمَةِ لَهُمْ وَحُلُولِ الْمَثُلاَثِ بِهِمْ، فَقَدِ اسْتَهْزَأَتْ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكَ بِرُسُلٍ أَرْسَلْتُهُمْ إِلَيْهِمْ بِمِثْلِ الَّذِي أَرْسَلْتُكَ بِهِ إِلَى قَوْمِكَ، وَفَعَلُوا مِثْلَ فِعْلِ قَوْمِكَ بِكَ، ﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿فَحَاقَ﴾ فَنَزَلَ وَأَحَاطَ بِالَّذِينَ هَزِئُوا بِرُسُلِهِمْ وَ ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ يَقُولُ : الْعَذَابُ الَّذِي كَانُوا يَهْزَأُونَ بِهِ وَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا بِهِمْ عَلَى مَا أَنْذَرَتْهُمْ رُسُلُهُمْ.
يُقَالُ مِنْهُ : حَاقَ بِهِمْ هَذَا الأَمْرُ يَحِيقُ بِهِمْ حَيْقًا وَحُيُوقًا وَحَيَقَانًا.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.