الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فَأَصْلِحُوهَا، وَاعْمَلُوا فِي خَلاَصِهَا مِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَانْظُرُوا لَهَا فِيمَا يُقَرِّبُهَا مِنْ رَبِّهَا، فَإِنَّهُ ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾ يَقُولُ : لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ كَفَرَ وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيلِ الْحَقِّ إِذَا أَنْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ وَآمَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ وَأَطَعْتُمُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، فَحَرَّمْتُمْ حَرَامَهُ وَحَلَلْتُمْ حَلاَلَهُ.
وَنَصَبَ قَوْلَهُ : أَنْفُسَكُمْ بِالإِغْرَاءِ، وَالْعَرَبُ تُغْرِي مِنَ الصِّفَاتِ بِـ(عَلَيْكَ)، وَ(عِنْدَكَ)، وَ(دُونَكَ)، وَ(إِلَيْكَ).
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْكُمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٢٨٩٩- حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ قُرِئَتْ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِهَا، قُولُوهَا مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّتْ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.
١٢٩٠٠- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.