وهب أنه تمكن من جمع نسخ المصاحف جميعها، ولم تشذ عن قدرته نسخة واحدة من أقطار المسلمين المتباعدة، فهل تمكن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القران ؟ وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلا الله، على أن القرآن لو كان في بعض آياته شئ يمس بني أمية، لاهتم معاوية بإسقاطه قبل زمان الحجاج وهو أشد منه قدرة، وأعظم نفوذًا، ولاستدل به أصحاب علي - عليه السلام - على معاوية، كما احتجوا عليه بما حفظه التاريخ، وكتب الحديث والكلام، وبما قدمناه للقارئ، يتضح له أن من يدعي التحريف يخالف بداهة العقل، وقد قيل في المثل : حدث الرجل بما لا يليق، فإن صدق فهو ليس بعاقل.
ثم قال الخوئي:
وهنا شبهات يتشبث بها القائلون بالتحريف لا بد لنا من التعرض لها ودفعها واحدة واحدة :
الشبهة الأولى : أن التحريف قد وقع في التوراة والإنجيل، وقد ورد في الروايات المتواترة من طريقي الشيعة والسنة : أن كل ما وقع في الأمم السابقة لا بد وأن يقع مثله في هذه الأمة، فمنها ما رواه الصدوق في " الإكمال " عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال :" قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : كل ما كان في الأمم السالفة، فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة ".
ونتيجة ذلك : أن التحريف لا بد من وقوعه في القرآن، وإلاّ لم يصح معنى هذه الأحاديث.
وأجاب على هذه الشبهة من أربعة أوجه نذكر منها وجهًا واحدًا وهو قوله :


الصفحة التالية
Icon