ومما سبق يتضح جلياً مدى عناية الصحابة بجمع القرآن، وأن هذا الكتاب الكريم جمع وحفظ بدقة وعناية لم ينلها كتاب قبله ولا بعده، وقد اعترف غير المسلمين من المستشرقين وغيرهم بذلك. ومع هذا تجد أكثر الشيعة الإمامية يتهمون الصحابة بالتواطؤ أثناء جمع القرآن على حذف الآيات التي فيها الأمر بولاية أهل البيت وأنهم الأوصياء على الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، إلى آخر ذلك الهذيان من القول بتحريف القرآن، والقول بأن عليًا رضي الله عنه هو الذي جمع القرآن الحقيقي كله، وتركه مع الأوصياء بعده. مع أن عليًا رضي الله عنه قال:"أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر..." ولكنهم أعماهم الهوى عن اتباع الحق، فكم من المسائل والأقوال التي خالفوا فيها عليًا رضي الله عنه، وسيأتي أمثلة على ذلك فيما بعد، وهم يزعمون اتباعه والولاء له والإئتمام به، وكذبوا، فما أتباعه ومحبوه الحقيقيون إلا من اتبع الحق وهم أهل السنة والجماعة، أما هؤلاء فسيتبرأ منهم علي رضي الله عنه يوم القيامة كما سيتبرأ المسيح عليه السلام ممن ادعوا محبته واتباعه وهم على غير شريعته الصافية التي جاء بها من عند الله تعالى. وسأورد لك طرفًا من كلامهم:
في مقدمة تفسير الصافي للفيض الكاشاني: المقدمة السادسة
(في نُبذ مما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويل ذلك ) قال:
روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام يا علي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة فانطلق علي عليه السلام فجمعه في ثوب أصفر ثم ختم عليه في بيته وقال : لا أرتدي حتى أجمعه. قال : كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء حتى جمعه.


الصفحة التالية
Icon