من الابتداء إلى الوقف. وأما ما أخذ به بعض المتأخرين من أنهم يقرؤن الجمع كلمة كلمة فبدعة، وحشة تخرج القرآن عن مقصوده ومعناه، ولا يحصل منها مراد السامع والله تعالى أعلم بما على من يتعمد ذلك.
ولا حرج على القارئ أن يبتدئ في حالة الجمع بما شاء من القراءات في تقديم وتأخير إذ المقصود قراءة جميع الأوجه لكن الأسهل أن يقرأ بالترتيب كما رتبه صاحب كتابه. والأولى أنه إذا وقف على قراءة يبتدئ بها فإنه أقوى في الاستحضار وأبعد من التركيب. وأما ما يتعلق بذلك فمعنى قولنا فيما تقدم أن يكون ذاكرا كيفية تلاوته به الخ إنما هو المذكور في الكتاب من فرش وأصول ونحوه مما لا حرج فيه إذ غيره لا ينضبط لأن كل كلمة وصلها أو فصلها على شيخه متى فصل الموصولة أو وصل المفصولة خالفه كما لو ابتدأ بهمزة الوصل في نحو ﴿لِقَاءَنَا ائْتِ﴾ [يونس: ١٥] أو وقف على حرف مبدل نحو "نعمة" و"رحمة" أو حرف مد نحو ﴿قَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النمل: ١٥] ﴿قَالُوا الْآنَ﴾ [البقرة: ٧١] ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ﴾ [القرة: ٢٦٩] فإن ادعى أحد ضبط كيفية تلاوته على شيخه بذلك، وقال أصل ما وصلت وأفصل ما فصلت، فجوابه أن سوعدت على ذلك، وتحريت وضبطت فأقرأت به جعلت الجائز واجبا لكن نقول: النقل على قسمين: مقروء ومروي، فالأول المقروء على معرفة كيفية تلاوته وضبطها، والثاني نحو ما مثلنا به آنفا فينبغي للمجيز أن يقول: أذنت أو أجزت له أن يقرأ بما قرأه علي وما لا حرج فيه، ويقول المجاز في الأول قرأته، وفي الثاني رويته، وأعلى ما يكتب للمجاز الإذن والأهلية لا يكتب إلا لذلك، وذاك ثم كذلك، ويجوز له أن يقول: أجزت له أن يقرئ بكذا عند تأهله لذلك. ولا بد من سماع الأسانيد على الشيخ والأعلى أن يحدث الشيخ بها لفظه، فأما من لم يسمع الأسانيد على شيخه فأسانيده من طريقه منقطعة. وأما ما جرت به العادة من الإشهاد على الشيخ بالإجازة والقراءة فحسن يدفع التهمة ويسكن القلب، وأمر الشهادة يتعلق بالقارئ يشهد على الشيخ من يختار، والأحسن أن يشهد أن أقرانه النجباء من القراء المنتهين لأنه أنفع له حال كبره.
فصل:
تعلم القراءة فرض كفاية، فإن لم يكن من يصلح له إلا واحد تعين عليه، وإن كان جماعة يحصل المقصود ببعضهم، فإن امتنعوا كلهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط