الذي تبيّن لنا من النظر في الآيات أنه عندما يقول (إهدنا الصراط) من غير اللام وإلى كأنه يريد أن يقول إنك أوصلتني إلى الصراط فوضّحه لي معناه هو أيضاً كان في الخارج وأوصله إلى الداخل فلما يقول إهدنا الصراط فهو قطعاً داخل الصراط حتى نميّز بين اللام وإلى وحذفهما. إهدنا الصراط: هم في داخل الصراط يريدون معرفة ما فيه لكن علماؤنا يقولون إذا حذف الحرفين (اللام وإلى) يحتمل الأمرين أن يكون داخل الصراط وخارج الصراط. والذي تبين لي من خلال الآيات أنه حيثما وردت الصراط من غير حرف معنى ذلك أنهم في داخل الصراط وإن كان أُوصلوا من بعيد أو وُعِدوا بأن يوصلوا من بعيد إلى الداخل لكن سوف لا يتركون. الأمثلة :
قال تعالى في سورة يونس (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾) وقال في سورة طه (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى ﴿٧٧﴾ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴿٧٨﴾). إذا لاحظنا الآيات في السورتين نرى ما يلي:
١. استخدام واو العطف في قوله (فرعون وجنوده) وهذا نص بالعطف فرعون أتبع موسى وهو معه وهذا تعبير قطعي أن فرعون خرج مع جنوده وأتبع موسى. أما في سورة طه استخدم الباء في قوله (فأتبعهم فرعون بجنوده) والباء في اللغة تفيد المصاحبة والإستعانة، وفي الآية الباء تحتمل المصاحبة وتحتمل الإستعانة بمعنى أمدهم بجنوده ولا يشترط ذهاب فرعون معهم.
تعدد القراءات إما أن يوضح أو يعطي معنى آخر زيادة للمعنى الأول. على سبيل المثال في الفاتحة عندنا قراءة مالك يوم الدين وملك يوم الدين وربنا ملك ومالك، ملك يوم الدين هو مالكهم، الملِك غير المالك، المالك يتصرف غير تصرف الملك، أنت لك أن تبيع وتشتري وتهب، المالك له التصرف في مُلكه أما الملك فليس له الحق أن يملك أموال الناس والرعية. ليس كل ملك مالك ليس بالضرورة قد يكون ملكاً وليس مالكاً فهناك فرق بين الملِك والمالك. كلٌ له تصرفه المالك له تصرف والملِك له تصرف. والله تعالى يريد أن يجمع الأمرين فلا بد من قراءتين كما في قوله تعالى (مَالِكَ الْمُلْكِ (٢٦) آل عمران) جمع الأمرين مالك من التملّك، والمُلك من الملِك ليس من التملك (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ (٥١) الزخرف) صاحب المُلك ملِك والمالك هو صاحب المِلك. هناك فرق بين مُلك ومِلك، المُلك الحكم (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) هو يحكمها والمِلك هو ما يملكه، يبيعه ويشتريه أو جاءه عن طريق ما. فصاحب المِلك مالك وصاحب المُلك مَلِك وربنا قال (مالك المُلك) المُلك مِلْكُه فجمع الدلالتين بهذا وهاتان القرآتان جمعتا ملك ومالك. التدبر في القراءات يوضح المعاني وتجمع أكثر من معنى. إذن كُذبوا وكُذّبوا لكل منها دلالة صحيحة. فإذن هذه الدلالة الأولى أن الأقوام ظنوا أن رسلهم قد كذبتهم وأنهم كُذِبوا فيما أُخبروا به وقسم قال الأتباع أتباع الرسل المؤمنين بهم طال الأمر وهم يعذَّبون ويفتنون ولم يحصل إلى الآن ما أخبر به الرسل بأن الله سينتقم من الكافرين أو ينصركم أو ينجيكم فدخل في بعض الظن هل يعقل أن الرسل قد كذبونا فيما أخبروا؟ الأتباع ظنوا أنهم قد كذبوا إلى درجة أن الأتباع ظنوا أنهم قد كُذِبوا، فجاءهم نصرنا إلى أن بلغوا حالة، استيأس الرسل من إيمان أقوامهم وظنت الأقوام التي لم تؤمن بالرسل أنهم قد كُذِبوا وأن ما أخبرهم به الرسل كذب. (
يجب ألا يضيق صدر الداعية المسلم مما يجابهه،. والمسلم مكلف. كلنا نقول نحن من أتباع محمد - ﷺ - والرسول بشر فإذن دعوة الناس لطاعة الله سبحانه وتعالى واجب من واجباتنا. (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠).
* ما الفرق بين (عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) و (عَمِلَ صَالِحًا)؟ (د. فاضل السامرائى)
لما يكون السياق في العمل يقول عملاً صالحاً كما في آخر سورة الكهف أيضاً (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (١١٠)) لأنه تكلم عن الأشخاص الذين يعملون أعمالاً سيئة ويكون السياق في الأعمال (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)) والسورة أصلاً بدأت بالعمل (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢)). في عموم القرآن إذا كان السياق في العمل يقول (عملاً صالحاً). أما فى قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) البقرة) ليست في سياق الأعمال.
*في سورة الكهف (وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)) ما دلالة الباء؟ (د. فاضل السامرائى)
الرأي الثاني يقول لعله لديهم تجربة سابقة من خلق إنسان سابق أو مخلوق سابق أفسد وسفك دماءً فقالوا هذا سيفعل كما فعل الذي قبله، وخلق إنسان سابق فيه نظر وليس لدينا دليل وقد يكون، لكن الذي حقيقة يطمئن إليه القلب هو أنه هذا الحوار الذي حدث حتى بعض العلماء يسأل ويقول ما الداعي إلى أن الله سبحانه وتعالى يحاورهم؟ ويجيب أن الله سبحانه وتعالى يذكر لنا ذلك في القرآن حتى يعلمنا المشورة والمشاورة فلا ينفرد الحاكم برأيه. فرب العزة يشاور الملائكة ويحدثهم ويذكر لنا هذا الأمر أنه عرض على الملائكة وقال لهم سيكون كذا فقالوا له: يا رب ما شأنه؟ قال: هذا شأنه منه من يسفك الدماء ويفسد ومنه من سيسبحني ويقدسني. وهذا واقع الحال فالبشر الآن منهم من يفسد فيها ويسفك الدماء ومنهم من يسبح الله عز وجل ويعبده.
لما الباري عز وجل عرض على الملائكة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (٣٠) لأنهم مشتغلون في الأرض، مهمتهم في الأرض فعرض عليهم، لا يعقل أنه عرض على كل ملائكة السماء والكون وإنما على فئة لها شغل بهذا المخلوق الجديد وبمكانه فإبليس كان من ضمن هؤلاء ليس ملكاً لكن من ضمن الذين لهم شغل لذلك كُلّف مباشرة (ما منعك أن تسجد إذ أمرتك) أُمِر مباشرة بالسجود.
*(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (٣٠) البقرة) كيف عرفت الملائكة أن هذا المخلوق سيفسد في الأرض؟(د. فاضل السامرائى )
لما ننظر في الآيتين، نحن دائماً نقول: يُنظر في النص لِمَ قدّم هنا هذا ولماذا أخّر هنا هذا؟ الآية الأولى في سورة المؤمنون (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (كُنّا) كان مع اسمها مثل كان زيد، (تراباً وعظاماً) مثل (كان زيد مجتهداً وكريماً) معطوف على الخبر مباشرة يعني نظام الجملة يأتي كما هو. لكا يكون النظام كما هو نجد أن النظام الذي جاء (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) المفعول به جاء متأخراً وفق النظام وعندما يكون وفق النظام لا يُسأل عنه. أنت لا تسأل عن (كتب زيد رسالة) لا تسأل لِمَ أخّر رسالة؟ هو هذا النظام هكذا. لكن السؤال في آية سورة النمل لِمَ غيّر النظام (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا). لاحظ الآية (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) النمل) النظام في غير القرآن أن يقول: إءذا كنا نحن وآباؤنا تراباً، فلما قدّم تراباً المعطوف على المرفوع ولكا يكون المعطوف عليه ضميراً ينبغي أن يؤكد بضمير هذا الأفصح (كنت أنا وزيد مسافرين) حتى يكون الربط. فها هنا لأن المعطوف والمعطوف عليه ينبغي أن يتصلا لا أن يكون بينهما فاصل. هنا غيّر النظام فقال (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا) قدّم المنصوب وجعله فاصلاً بين المعطوف والمعطوف عليه فقدّمه. فمنا قدّم المنصوب قدّم (هذا) (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا ) حتى يكون هناك نوع من التناسق. هنا تقدّم كأنه غيّر النظام وهنا أيضاً قدّم والله أعلم.
آية (٧٠):
*ما اللمسة البيانية في حذف نون (تكن) في قوله تعالى (ولا تك في ضيق مما يمكرون)فى سورة النحل وعدم حذفها فى سورة النمل؟ (د. فاضل السامرائى)
مثال آخر (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ) المخاطَب جماعة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (٦٠) المائدة) (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢) الحج) آية فيها (ذلك) والثانية (ذلكم) أي الأكثر؟ الذين كفروا أو الذين جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت؟ الذين كفروا أكثر، فلما كانت المجموعة أكثر جمع فقال (ذلكم) ولما كانت أقل أفرد (ذلك).
القرآن استعمل (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ (٣٢) القصص) المخاطب واحد وبرهانين، ذانك للمشار إليه هما برهانان والمخاطَب واحد والتعبير صحيح (ذانك) ولا يمكن أن يقول ذلك. (ذانك) أصلها ذا إسم إشارة وأحياناً نلحق بها هاء التنبيه فيصير (هذا) للمذكر وأحياناً نقول ذان، نقول هذا، هذان، وللخطاب نقول ذانك. وإذا كان مؤنث (تانك) نقول هاتان، (تانك) أصلها (تا) هذه أسماء الإشارة للمؤنث (ذي وذه وتا وتي وته) (فالمذكر ذال والمؤنث كلها تان) (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ (٢٧) القصص) هاتان: الهاء للتنبيه وتان إسم الإشارة.
آية (٣٤):
*القراءات القرآنية فيها اختلاف في الإعراب مثل (تلقفْ - تلقفُ) (يصدقْنى – يصدقُنى)فهل في هذا لمسة بيانية؟ (د. فاضل السامرائى)
الكلام كان عن سيدنا عيسى - عليه السلام - في الآية الأولى في سورة آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦)) الكلام على لسان الملائكة ثم بدأ كلام مريم عليها السلام متجهاً إلى الله سبحانه وتعالى (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٤٧) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٤٨)) وجيهاً في الدنيا والآخرة ويعلمه، هذا العطف. ما زال الكلام على لسان الملائكة لمريم. وجيهاً ورسولاً إلى بني إسرائيل، رسول بماذا؟ (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٤٩)) يعني عيسى - عليه السلام - هو سيقول هذا الكلام، (حكاية حال ماضية) في الماضي قال هكذا.
السياق في المصاحبات قال (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) وفي العنكبوت ليس السياق في المصاحبات فقط الوصية والمجاهدة أقل ولهذا حدد الوصية بـ(حسنا). في لقمان قال (بوالديه) هذا معناه العموم والإطلاق. فلما كان في العنكبوت الجهاد أقل قال حُسناً لكن لم يذكر المصاحبة بالمعروف وفي الجهاد الأشد قال (بوالديه) لم يذكر حُسناً وإنما ذكر المصاحبة بالمعروف في سورة لقمان. في لقمان ما ذكر حُسناً ولا إحساناً ولكن ذكر المصاحبة بالمعروف مع الجهاج بشدة ومع الجهاد الأقل في العنكبوت قال (حُسناً) ولم يذكر المصاحبة لأن السياق في العنكبوت في الحسن من الأعمال. في العنكبوت قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) وفي الأحقاف قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا) حتى التعبير (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) كيف قال وصاحبهما في الدنيا معروفا ولم يقل بمعروف لأنه أراد أن المصاحبة هي المعروف بعينه وهنا لما قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) يعني الوصية هي الحُسن بعينه لم يقل بالحُسن ولم يقل وصيناه بشيء حسن وإنما جاء بالمصدر (حُسناً). الإتيان بالمصدر له دلالة بيانية أن الوصف أو الإتيان أو الإخبار أو الحال بالمصدر يدل على المبالغة لذلك ليست عندهم قياس (وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ (١٨) يوسف) كذب مصدر أي هو الكذب بعينه. ومحتمل في غير القرآن أن يقال بدم كاذب أو بالكذب كما يقال هذا رجل زور وهذا رجل صوم وهذا رجل عدل، تقول هذا رجل صائم أي قد يكون صام يوماً أما لو قلنا هذا رجل صوم لا تقال إلا إذا كان الصوم عادة طاغية ظاهرة عنده وهذا يستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والجمع لفظاً واحداً لأنه مصدر يقال رجال صوم ونساء صوم ورجل صوم وامرأة صوم. المصدر (ووصفوا بمصدرٍ كثيراً فالتزموا الإفراد والتذكيرا).
وفي لغة العرب يجوز تذكير وتأنيث الفعل فإذا كان المعنى مؤنّث يستعمل الفعل مؤنثاً وإذا كان المعنى مذكّراً يُستعمل الفعل مذكّراً، والأمثلة في القرآن كثيرة منها قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾) وسورة يونس (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ ﴿٧٣﴾) المقصود بالعاقبة هنا محل العذاب فجاء الفعل مذكراً، أما في قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿١٣٥﴾) سوة القصص (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿٣٧﴾) فجاء الفعل مؤنثاً لأن المقصود هو الجنّة نفسها.
*فى سؤال عن الآية: (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (٤٥) مريم) في هذه الآية ورد تهديد إبراهيم لأبيه لماذا استخدم إسم الرحمن مع العذاب مع أن إسم الرحمن إسم ينفع المؤمن؟
في هذا التقييد لغة بلاغية، ألا ترى أن ثمة فرقاً واضحاً بين من أوتي الكتاب ومن أوتي نصيباً من الكتاب ففي اختيار كلمة نصيباً من الكتاب إيحاء بقلة أثر الكتاب في نفوس السامعين.
* ما دلالة استعمال آتينا وأوتوا ؟(د. فاضل السامرائى)
استعمال آتينا وأوتوا ففي موضع المدح يأتي بـ (آتيناهم) كما في قوله تعالى (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٢١) البقرة) وفي معرض الذمّ يأتي بـ (أوتوا) كما في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) النساء) وقوله تعالى (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) البقرة).
آية (٤٦):
*ما الفرق بين قوله تعالى (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴿٤٦﴾ النساء)و(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ﴿٤١﴾ المائدة)؟
*د. أحمد الكبيسى :
أولاً ليس في الآية اسم مصدر ولا اسم آلة لأن الشِرعة ليست اسم مصدر والمنهاج ليست اسم آلة. الشِرعة في اللغة هي الطريق الموصل إلى الماء والشريعة هي الماء عند العرب فالعرب تُسمي شريعة مورد الماء الذي لا ينقطع وسبب التسمية لأن الماء به سبب الحياة الفانية والدين سبب الحياة الأبدية فالماء والشريعة هما للريّ والتطهر فالربط بينهما على أن كلاهما سبب الحياة.
أما صيغة مفعال فلا تختص بالآلة فقد تكون آلة (مهباج) وقد تكون مصدراً (مرصاد) وقد تكون للوقت (ميقات) وتستعمل للدلالة على المكان الذي يُضرب للحج (ميقات – مواقيت الحج). فالمنهاج هو مكان موضع وليس اسم آلة وإنما هو الطريق الواضح المستقيم. النهج هو الطريق الواضح والمنهاج هو الطريق الواضح المستقيم وهذا غير السبيل. فلما قال تعالى (شرعة ومنهاجا) قصد ما فيها من سبب الحياة الباقية والطريق الموصل إليها.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (٤٨) المائدة) وصف الباري سبحانه وتعالى القرآن بهذه السمة ليبين لنا حالتي القرآن بالنسبة لما قبله من الكتب فهو مؤيد لبعض ما في الشرائع ومقرر له وهو بهذا الوصف مصدِّق، وهو مبطل لبعض ما في الشرائع السابقة وناسخ لأحكام كثيرة منها فهو مهيمن.
(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا (٤٨) المائدة) الشرعة والشريعة الماء الكثير من نهر أو وادٍ فنقول مثلاً شريعة الفرات ومن ثم سميت الديانة شريعة تشبيهاً لها بالماء العذب لأن فيها شفاء النفوس وطهارتها. والمنهاج هو الطريق الواسع الذي يوصلك إلى الشرعة العذبة.
وخرقوا له بنين) خرقوا مثل خلقوا لكن فيها معنى الكذب. نافع يقرأ (وخرّقوا) بالتكثير (في المغرب العربي) والقراءة المشهورة (خرقوا). والتخريق هو خلق الكذب. نقول هذا أخرق كأنه أحمق ويختلق الأشياء. (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ). من حيث الإعراب ما دام المعنى مستقيماً لك هذا ولك هذا. القول بالتقديم والتأخير لا بأس به ويستقيم أن يكون الجن مفعول أول وشركاء مفعول ثاني وقد تقدم والجار والمجرور يتعلقان بـ (جعل). ولو نظرنا في نظام الآية كأنما أريد لها أن لا تكون لفظة الجان متصلة بكلمة الله سبحانه وتعالى حتى في النظم وحتى في الترتيب.
*(وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) الأنعام) ما معنى خرقوا؟(د. فاضل السامرائى)
خرقوا يعني افتروا، جعلوا له.
خرقوا معناها افتروا لكن لماذا لم يقل افترى وقال خرق تحديداً؟ الخَرْق هو قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكّر ويقال هذا ولد أخرق يعني لا يُقدر ولا يحسن العمل، الخرق الجاهل يعني هؤلاء ليس فقط افتروا ولكن عن جهل لا يعلمون فقال خرقوا دلالة على الخرق والحمق في التفكير وجهل، افترى لا تحمل هذه المعاني بالضرورة، الذي يفتري قد يُقدّر الأمور والمقدمات والنتائج أما هذا قول أخرق.
سؤال: هل أنتم من أنصار وجود ترادف في القرآن أو عدمه؟
هذه المسألة خلافية بين أهل اللغة وفي تقديري أنه في اللغة ليس هناك ترادف إلا إذا كان من لغة ثانية اما في اللغة الواحدة فليس هنالك ترادف وفي القرآن ليس هنالك ترادف وحتى لو كان من لغة ثانية يستعملها بدلالة أخرى يستعملها في السياق إذن لا ترادف في القرآن حسب رأيي وبالتالي لا يصح أن تحل كلمة مكان أخرى ولو كان لهما نفس الدلالة.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
يبقى استعمال (أن) و (ما): ما قال من بعد أن جئتنا وإنما قال (من بعد ما جئتنا) فعل الماضي يأتي بعد (أن) في اللغة كما جاء في قوله (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (١٠٠) يوسف)، (مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (٢٤) الفتح). لماذا هنا استخدم (ما) وهنا استخدم (أن)؟ (من بعد ما جئتنا) (ما) هذه تحتمل معنيين في اللغة هنا: الأول المصدرية والثانية الموصولة. هنا توسع في المعنى وتحتمل الأمرين. هي مصدرية بمعنى (الذي) أي من بعد الذي جئتنا به وهو الرسالة. إذن تحتمل أمرين معنيين: من بعد مجيئه هو شخصياً ومن بعد الذي جاء به من الرسالة ولذلك ما قال من بعد أن جئتنا به لتشمل المعنيين ولو قال من بعد أن جئتنا تكون تعني الموصولة لأنه يصير عائد. فهنا (ما جئتنا) ذكر أمرين لأنه كان مجيئه بالرسالة ومجئيه هو، فجمع معنيين هنا وهذا من باب التوسع في المعنى.
الفرق بين ما المصدرية وما الموصولة: السياق يحددها لكن هنالك أمر يقطع: إذا كان موجود عائد وهو الضمير الذي يعود على الإسم الموصول يقطع هذا بأنها إسم موصول. في حالة عدم وجود العائد نبحث عن المعنى هل يحتمل المصدرية أو الموصولة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (٢٣) الأحزاب) (ما) هنا إسم موصول أي صدقوا الذي عاهدوا الله عليه. لو حذف في غير القرآن (عليه) لو قال: صدقوا ما عاهدوا الله يكون صدقوا عهد الله نفسه والعهد الذي عاهدوا عليه. (المزيد في باب التوسع في المعنى يمكن الرجوع إليه في كتابي الجملة العربية والمعنى).
سؤال: إذا كان كفار مكة آنذاك فهموا العربية ولم يؤمنوا بالقرآن ونحن نؤمن بالقرآن ولا نفهم العربية ألهذه الدرجة تنحدر لغتنا العربية؟
فمن حيث اللغة قوله تعالى (لا يمسُّه) بالضمّ: لا: نافية لأنها لو كانت ناهية تكون جازمة ويجب أن يكون الفعل بعدها إما يمسَّه بالفتح أو يمسسه بفك الادغام كما يف قوله تعالى (لم يمسسني بشر). الكفار قالوا أن هذا القرآن تتنزل به الشياطين فردّ الله تعالى عليهم في قوله (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) الشعراء) ثم جاءت هذه الآية (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)) رداً على هؤلاء أن القرآن لا يمكن للشياطين أن تصل إليه. وطالما أن الآية جاءت بالفعل يمسُّه مرفوعاً فهذا دليل على أن (لا) نافية. وقد يقال من ناحية الدلالة أنه يجوز في النحو ومن الناحية البلاغية أن يخرج النفي إلى النهي لكن (لا) في هذه الآية نافية في الاعراب قطعاً ولا يمكن أن تكون ناهية بدليل حركة الفعل بعدها.
وهذه الآية وأنا لست عالماً بالحديث لا تنص شرعياً على عدم جواز مس المصحف إلا بوضوء إلا إذا كان في الأحاديث ما ينصّ على ذلك هناك حديث عن عدم جواز مس المصحف للجُنُب. المطهّرون في الآية هم الملائكة لأنها ما وردت لغير الملائكة في القرآن كله والناس متطهرون وليسوا مطهّرين. وأنا أعتذر من الناحية الفقهية الشرعية لكني أتكلم من الناحية النحوية. إذا كان هناك نصٌّ يحكم فهو يحكم بدلالته لكن ليس بدلالة هذه الآية.
د. أحمد الكبيسى :
من) لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، من أبوك؟ أبي فلان، من أنت؟ أنا فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت إسم استفهام أم شرط أم نكرة موصوفة أم إسم موصول. (ما) تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا. وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص الكيان. (ما) تستخدم لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (ما) تستخدم لذات غير العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو غيره هذه دلالتها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (٣) الليل) من الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن (ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (٦٠) الفرقان) يسألون عن حقيقته. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢)) تفخيم وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟ ذلك والله فرع مديد وطود منيب. النُحاة ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
*ما الفرق بين التزكيتين (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (٩) الشمس) (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢) النجم) وما معنى التزكية في القرآن الكريم؟(د. فاضل السامرائى)
فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ) حُجِز بينهم ولم يقل بينهما مع أنهما فريقان كما قال في آية أخرى (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) النمل) أي بين الأفراد أجمعين لأنه قال بالجمع منافقين ومنافقات وعندنا مؤمنين ومؤمنات فضرب بينهم على الجمع أي حُجِز بينهم بسور. ضرب في اللغة لما تأتي بالباء (ضرب بينهم بسور) أي ليس ضرباً بالعصى وإنما حُجِز بينهم ويسمى هذا تضمين يعني يضمّن الفعل معنى آخر. أصل الفعل يتعدى بحرف جر ثم يأتي بفعل آخر لا يتعدى بهذا الحرف وتعدّيه بهذا الحرف الجر فيعطي معنى آخر، مثلاً: نصرناهم من الذين كفروا، فعل نصر لا يتعدى بـ (من) وإنما فعل نجّى يتعدى بـ (من) فلما قال نصرناهم من ضمّن معنى نجّى واكتسب معنى النجاة ومعنى النصر. هذا يسمى في اللغة التضمين يكتسب معنيين المعنى الأصلي المذكور ومعنى ذلك الفعل الذي أشار إليه بحرف الجر.


الصفحة التالية
Icon