ولذا جاء سبحانه وتعالى بصفتين تدلان على التجدد والثبوت معا فلو قال الرحمن فقط لتوهم السامع ان هذه الصفة طارئة قد تزول كما يزول الجوع من الجوعان والغضب من الغضبان وغيره. ولو قال رحيم وحدها لفهم منها ان صفة رحيم مع انها ثابتة لكنها ليست بالضرورة على الدوام ظاهرة انما قد تنفك مثلا عندما يقال فلان كريم فهذا لا يعني انه لا ينفك عن الكرم لحظة واحدة انما الصفة الغالبة عليه هي الكرم.
وجاء سبحانه بالصفتين مجتمعتين ليدل على ان صفاته الثابتة والمتجددة هي الرحمة ويدل على ان رحمته لا تنقطع وهذا ياتي من باب الاحتياط للمعنى وجاء بالصفتين الثابتة والمتجددة لا ينفك عن احداهما انما هذه الصفات مستمرة ثابتة لا تنفك البتة غير منقطعة.
*فلماذا اذن قدم سبحانه الرحمن على الرحيم؟
قدم صيغة الرحمن والتي هي الصفة المتجددة وفيها الامتلاء بالرحمة لابعد حدودها لان الانسان في طبيعته عجول وكثيرا ما يؤثر الانسان الشيئ الآتي السريع وان قل على الشيئ الذي سيأتي لاحقا وان كثر (بل تحبون العاجلة) لذا جاء سبحانه بالصفة المتجددة ورحمته قريبة ومتجددة وحادثة اليه ولا تنفك لان رحمته ثابتة. ووقوع كلمة الرحيم بعد كلمة الرب يدلنا على أن الرحمة هي من صفات الله تعالى العليا وفيها اشارة الى ان المربي يجب ان يتحلى بالرحمة وتكون من ابرز صفاته وليست القسوة والرب بكل معانيه ينبغي ان يتصف بالرحمة سواء كان مربيا او سيدا او قيما وقد وصف الله تعالى رسوله بالرحمة.
مالك يوم الدين:
هناك قراءة متواترة (ملك يوم الدين) بعض المفسرين يحاولون تحديد اي القراءتين اولى وتحديد صفة كل منهما لكن في الحقيقة ليس هناك قراءة اولى من قراءة فكلتا القراءتين متواترة نزل بهما الروح الامين ليجمع بين معنى المالك والملك.
المالك من التملك والملك بكسر الميم (بمعنى الذي يملك الملك).
قال تعالى في سورة الأنعام (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٦٥﴾ ) بدون ذكر (في) وقال تعالى في سورة فاطر (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً ﴿٣٩﴾) وفي سورة يونس (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿١٤﴾ ) وذكر فيهما (في). خلائف الأرض مع حذف (في) هي أوسع وأشمل من حيث اللغة أما خلائف في الأرض فهي ظرفية ومحددة. ونستعرض سياق الآيات في السور فنلاحظ أن سياق سورة فاطر هو في الكافرين ابتداءً وانتهاءًوكذلك في سورة يونس السياق فيمن أهلكهم الله تعالى من الكافرين. أما في سورة الأنعام فالسياق في مخاطبة المؤمنين إلى النهاية فكانوا أعمّ وأِشمل وفيها ورد قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٦٥﴾)، فالمؤمنون خلائفهم أطول وأكثر من الكافرين فجاء بالمعنى الأعمّ والأشمل في سورة الأنعام بحذف (في).
آية (١٧):
*ما دلالة تنكير الكذب أو تعريفه؟(د. فاضل السامرائى)
* ما الفرق البياني بين قوله تعالى (من مثله)فى سورة البقرة و(مثله)فى سورة هود؟(د. فاضل السامرائى)
تحدّى الله تعالى الكفار والمشركين بالقرآن في أكثر من موضع فقال تعالى في سورة البقرة (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)) وقال في سورة هود (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)).
أولاً ينبغي أن نلحظ الفرق في المعنى بين (من مثله) و(مثله) ثم كل آية تنطبع بطابع الفرق هذا. فإذا قلنا مثلاً : إن لهذا الشيء أمثالاً فيقول: ائتني بشيء من مثله فهذا يعني أننا نفترض وجود أمثال لهذا الشيء أما عندما نقول : ائتني بشيء مثله فهذا لا يفترض وجود أمثال لكنه محتمل أن يكون لهذا الشيء مثيل وقد لا يكون فإن كان موجوداً ائتني به وإن لم يكن موجوداً فافعل مثله. هذا هو الفرق الرئيس بينهما.
هذا الأمر طبع الآيات كلها. أولاً قال تعالى في سورة البقرة (وإن كنتم في ريب) وفي آية سورة هود قال تعالى (افتراه) وبلا شك (إن كنتم في ريب) هي أعمّ من (افتراه) أن مظنة الإفتراء أحد أمور الريب (يقولون ساحر) يقولون يعلمه بشر)( يقولون افتراه) أمور الريب أعم وأهم من الإفتراء والإفتراء واحد من أمور الريب.
وهذا أصل من أصول الفكر الإسلامي أن القضية الغيبية إذا حدّثنا عنها القرآن نتحدث فيها بالمقدار الذي حدّثنا عنه القرآن أكثر من ذلك يكون نوعاً من التهويمات ونُدخل الناس في خلافات لا ثمرة من ورائها ولا طائل وراءها. فإذن هذا نوع من التصور: هو (يوسف - عليه السلام - ) تصوّر ثم أُوّلت لأنه قال (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا) لأنه لما جاءوا خضعوا له وهو كان في موطن مسؤولية وجاء أبواه وإخوته فأعلنوا الخضوع (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا). هل كان في دينهم يجوز السجود للملك أو هل أُشير بالسجود إلى معنى الخضوع وإعلان الطاعة والتبعية؟ هذا كله ممكن.
تكرار (إذ) في الآيات هل تفيد أن الحديث بين يعقوب وبنيه كان طويلاً؟
(إذ) لما تأتي كأنه تكون هناك كلمة محذوفة يعني: أُذكر يا محمد. الخطاب لمحمد - ﷺ -. كما في قوله تعالى (وإذ نادى ربك موسى) يعني أُذكر إذ نادى ربك موسى.
*لِمّ عبّر الله تعالى عن الإخوة في رؤيا يوسف بالكواكب دون النجوم (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) يوسف)؟ ولِمَ قدّم الكواكب على الشمس والقمر مع أن المعهود أن يؤخرهما (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ (١٢) النحل)؟(د. فاضل السامرائى)
قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا (١١) الفتح) (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ (٣٨) الزمر) إذا ذُكِر الرب لا يسند إليه إلا إرادة الخير والرشد (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ (٨٢) الكهف) (أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠) الجن) يعني يسند احتمال إرادة العقوبات والسوء إلى الله كما أسند إليه إرادة الخير والرشد لكن ذكر الرب لا يسند إليه إلا إرادة الخير أقصد في فعل الإرادة خصوصاً أما في غير أفعال الإرادة قد يذكر الرب في عموم المقامات مع التفضل والعقوبات (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) البروج) (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (٨٢) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) هود) (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) الفجر) أقصد قعل الإرادة فقط هذا الكلام على هذا وهذا من خصوصيات الاستعمال القرآني، رب الإنسان يعاقبه لكن فعل الإرادة ماذا يريد؟ في القرآن لم يرد فعل الإرادة مع الرب إلا في الخير وهذا معناه أن الله تعالى لا يريد لنا إلا الخير. يأتي في العقوبات لكن فعل الإرادة بالذات يأتي بالخير أما مع (الله) يأتي كل شيء.
آية (١٢):
*ما دلالة وصف السحاب فى سورة الرعد بالثقال؟(د. حسام النعيمى)
· أولاً في لقمان جرى على التبعيض (بعضهم مؤمن وبعضهم كافر باعتبار من يشكر ومن كفر) بينما في إبراهيم على الشمول شملهم كلهم ولم يستثني أحداً.
· ونلاحظ في لقمان قال (ومن كفر) بالماضي، في إبراهيم قال (إن تكفروا) بالمضارع،
· في لقمان فعل الشرط ماضي (ومن كفر) وفي إبراهيم فعل الشرط مضارع (إن تكفروا) والفرق واضح لأنه ذكرنا في حلقة ماضية أنه إذا كان فعل الشرط ماضياً إفتراض وقوع الحدث مرة وإن كان مضارعاً افتراض تكرر الحدث فهنا قال (إن تكفروا) يعني إذا داومتم واستمررتم على الكفر دلالة على تكرر الكفر وتجدده (إن تكفروا) يعني تستمرون على الكفر وتداوموا عليه وفي لقمان قال ومن كفر. ثم قال (جميعاً) جاء بالحال المؤكدة. إذن إفتراض كفر أهل الأرض بلا استثناء لم يجعلهم قمسمين ثم افتراض الكفر مستمر ثم أكد ذلك بـ (جميعاً) فاقتضى ذلك زيادة التأكيد في إبراهيم (فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) الله تعالى لا يحتاج إلى غني لما ذكر هذه الأمور افتراض ليكفر أهل الأرض جميعاً وليداموا على الكفر جميعاً هذه كلها مؤكدات. ربنا تعالى لم يؤكد غني في لقمان لأن الناس فئتان ولما كان الناس على ملة واحدة أكّد لأنه تعالى لا يحتاج إليهم حتى لو كانوا كلهم كفار ويداومون ويستمرون على ذلك. فائدة التأكيد هنا فائدة بلاغية أن الله تعالى غني عن العباد كلهم لو كفروا كلهم جميعاً واستمروا ربنا غني عنهم، تأكيد الغنى.
سؤال : هل نفهم أنه – والعياذ بالله - في لقمان ليس غنياً بدرجة غناه في سورة إبراهيم؟ هو التأكيد ليس معنى ذلك لكن الموقف يحتاج لهذا الشيء فالله تعالى يقول عن نفسه عالم ومرة يقول عليم ومرة يقول والله غفور رحيم، إن ربك لغفور رحيم، حسب ما يقتضي السياق وهو سبحانه وتعالى غني عن العباد في جميع الأحوال.
آية (٩):
*ما الفرق بين النبأ والخبر؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الحجر(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩)) وفي سورة النحل (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥)). هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالاعجاز العلمي. لكن أقول والله أعلم أن الملاحظ أنه تعالى يقول أحياناً ألقينا وأحياناً يقول جعلنا في الكلام عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحداً وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين (جبال بركانية) والزلازل أو قد تأتي بها الأجرام المساوية على شكل كُتل. وهناك شكل آخر من التكوين كما قال تعالى في سورة النمل (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١)) وسورة المرسلات (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧)) وسورة الرعد (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣))، وهذا يدل والله أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال. وكينونة الجبال تختلف عن كينونة الأرض فالجبال ليست نوعاً واحداً ولا تتكون بطريقة واحدة هذا والله أعلم.
*من الاعجاز العلمى للآية:
*كيف تكون الأرض ممدودة ؟ و ما معنى ذلك ؟
هذا أمر وعرفنا استعمال يذّكرون وعرفنا الفرق بين آية وآيات. الأمر الآخر أنه لما ذكر الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم هذه يكفي العقل فيها فقط لمعرفة الله تعالى، العقل وليس العلم. العقل وحده كافٍ لأنه الذي يفرق بين العاقل والمجنون ولأن هذه أشياء يومية يراها العاقل. هذه آيات للذي عنده عقل. الباقي يحتاج إلى فِكر (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) كيف ينزل في الأرض وكيف ينبت به لذا كل آية تتناسب خاتمتها مع ما فيها. (يتفكرون) بمعنى الفِكر يُعمِل فكره، ويعقلون مجرد العقل. التفكير أكثر من العقل. كونك عاقلاً يعني تعرف أموراً والفرق بين العاقل والمجنون أن العاقل يعقل الأمور. وهناك فرق بين يعقل ويعلم: اذي يعلم ينبغي أن يكون عاقلاً لكن العاقل ليس بالضرورة أن يكون عالماً. إذن المرحلة الأولى العقل لأنه مناط التكليف وليس بالضرورة أن يكون عالماً لأن مناط التكليف العقل. والمرحلة الثانية التفكر يُعمِل فكره في أشياء أخرى.
*ما دلالة الواو في قوله تعالى (والنجوم مسخّرات بأمره) في سورة النحل؟ (د. فاضل السامرائى)
قال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿١٢﴾) الواو إما عطف جملة على جملة وإما إستئنافية.
نعم وقد نص على ذلك النحاة وسيبويه إذا عرّفته بـ (أل) استغرقته يعني لما تقول صحوت الليل يعني كل الليل، حدثته الليل يعني كل الليل لكن حدثته ليلاً يعني جزء من الليل، قال تعالى (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠) الأنبياء) لم يقل ليلاً ولو قال ليلاً يعني بجزء من الليل، (يسبحون الليل والنهار) اي طول الليل والنهار أكدها قوله تعالى (لا يفترون). كل ما حصل في جزء من الليل.
هذه دقائق تجدها في كتب اللغة.
ثم قال (من المسجد الحرام) للدلالة على قدرته أن الإسراء من هذا المكان إلى المسجد الأقصى. وفي بعض الروايات دلالة شرعية وكثير من العلماء يقولون أن الإسراء كان من بيت أم هانئ وهذا البيت هو خارج المسجد الحرام لكن هذه إشارة على أن مكة كلها حرم وكلها مسجد حرام وما دخل فيه من التوسعة هو مسجد حرام حكمه حكم المسجد الحرام وما دخل فيه هو من المسجد الحرام. هل المسجد الحرام الآن كما كان في زمن الرسول أو توسع؟
سؤال: المسجد في اللغة ربما يدل على بناء معين؟
ولذلك قالوا هذه فيها إشارة شرعية إلى أن مكة كلها تدخل في الحرم. لو قال بهذا الرأي قال هذاد]ليل على أنه كل مكة هي جزء من البيت الحرام وعلى أي حال الله أعلم بهذا.
ثم قال (إلى المسجد الأقصى) لم يكن ثمة مسجد بمعنى مسجد كان هناك بيت المقدس ليس هنالك مسجد بمعنى المسجد تقام فيه الصلاة كما نعرفه الآن وقال المسجد دلالة على أنه سيكون وهم كانوا يعرفون أن المقصود بيت المقدس لأنه بُني للعبادة بعد الكعبة بأربعين سنة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (٩٦) آل عمران).
القرآن استعمل صيغة الجمع(فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ﴿١١﴾) وفي صيغة الجمع يؤتى بما يسمى ضمير التعظيم ويستعمل إذا كان المقام مقام تعظيم وتكثير ويستعمل الإفراد إذا كان المقام مقام توحيد أو مقام آخر كالعقوبة المنفردة. لكن المهم أنه تعالى في كل موطن في القرآن وبلا استثناء إذا استعمل ضمير التعظيم لا بد من أن يأتي بعده بما يدل على الإفراد حتى يزيل أي شك من شائبة الشرك لأنه من نزل عليهم القرآن كانوا عريقين في الشرك (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿١﴾ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿٢﴾) (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ﴿١﴾ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴿٢﴾ وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً ﴿٣﴾) لم يقل في آية سورة الفتح لنغفر لك بينما قال في النصر (فتحنا) لأن الفتح قد يأتي بأن يأخذ بالأسباب كالجيش أما مغفرة الذنوب فمن الله وحده (ومن يغفر الذنوب إلا الله) فضمير التعظيم لا يمكن أن يستمر إلى نهاية الآيات.
*ما دلالة كلمة (لنعلم) في آية سورة الكهف (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً ﴿١٢﴾) مع أن الله تعالى يعلم كل شيئاً مسبقاً؟(د. فاضل السامرائى)
العلم نوعان: علم سابق قديم الذي سجّل فيه الله تعالى القدر وعلم لاحق يحقق هذا العلم وهو الذي يتعلق به الجزاء.
ما يفعله الإنسان هو من علم الله والله يعلم في القدر كل شيء وهو العلم الذي قضاه الله تعالى وما يفعله الإنسان وما يعلمه هو تصديق لعلم الله هذا. وقوله تعالى لنعلم أي الحزبين يعني لنعلم أي منهم يعلم الحقيقة لأن هناك ثلاثة أقوال كل قسم قال شيئاً فمن الذي يعلم الحقيقة؟ الله تعالى علِم ذلك قبل الوقوع. إذن هناك علمان
سيدنا زكريا قال (لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ﴿٨٩﴾ الأنبياء) لما الله قال بشرناه بيحيى ومريم بشروها بعيسى زكريا قال (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴿٤٠﴾ آل عمران) هذا سيدنا زكريا، في مكان آخر قال (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴿٨﴾ مريم). لماذا في الآية الأولى (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ)، واو حال امرأتي مبتدأ الياء مضاف إليه عاقر خبر (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ). في الآية الثانية أدخل (كان) (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا). سيدنا زكريا ماذا قال بالضبط؟ أي واحدة منهما؟ وحدة مبتدأ وخبر والأخرى كان واسمها وخبرها ولكل واحدة معنى. (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) الآن (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا) بالماضي ما الذي قاله سيدنا زكريا؟ في الحقيقة نحن كلنا نتصور أن كل هذا جرى بنفس الزمان والمكان لا طبعاً رب العالمين لما قال لسيدنا موسى (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴿٨٨﴾ يونس) ماذا قال له الله؟ (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ﴿٨٩﴾ يونس) أنت وهارون طبعاً الذي كان يدعو موسى هارون كان يقول آمين ولهذا المؤمِّن والداعي سواء قال (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) متى؟ يعني رأساً رب العالمين طمس على فرعون؟ لا بل بعد ٤٠ سنة. حينئذٍ عندما تأتي آية أخرى تتحدث عن موضوع آخر نفس الآية فيها اختلاف تتكلم عن ساعة نزول العذاب بعد أربعين سنة.
؟ الربع الأول: تغيير القبلة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) آية (١٤٤-١٤٣) لماذا جاءت الآية في تغيير القبلة من بيت المقدس الى بيت الله الحرام؟ المسلمون أمة أرادها الله تعالى ان تكون متميزة وقوله تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) فبما انكم ستكونون شهداء على الناس لا بد من ان تكونوا متميزين فلا استخلاف بدون تميز لذا كان لا بد من أن تتميزالأمة المسلمة:
؟ بقبلتها (بدون تقليد أعمى لغيرها من الامم السابقة) آية ١٤٤
؟ بمصطلحاتها (انظرنا بدل راعنا) آية ١٠٤
؟ بالمنهج (اهدنا الصراط المستقيم) سورة الفاتحة
؟ الربع الثاني: التوازن في التميز
الحية جاءت في مكان واحد لبيان قدرة الله تعالى (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١) طه) لم يقل أن موسى هرب أو فزع. ذكر ثعبان مع فرعون لأنه مخيف وذكر جان مع موسى لأنها تدخل الرعب على قلب موسى. ذكر ثعبان مرتين أمام فرعون وجان مرتين أمام موسى.
سؤال: لماذا لم يذكر جان مع فرعون؟
لأنه مع الملأ الموجودين إذا كانوا مئات وتأتي بجان واحد ماذا يؤثر؟ لذا اختار ثعبان لأنه يحتاج إلى ضخامة وقوة.
*ما دلالة استخدام الواو ؟ (د. فاضل السامرائى)
هنالك رأي أن الواو عطف على عِلّة محذوفة مقدرة، هنالك أمر مقدر نعطف عليه هذا يجوز في اللغة والسياق في الآية يحتمل. عندنا العطف على مقدر موجود في القرآن كثيراً.
لما قال ربنا تعالى في سيدنا عيسى (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١)) (ولنجعله) على ماذا معطوفه؟ هل خلق عيسى فقط ليجعله آية للناس؟ هذه واو عاطفة، على ماذا عطفها؟ هل خلق عيسى - عليه السلام - فقط ليجعله آية للناس أو هناك أموراً أخرى؟ هنالك أمور أخرى لكنه لم يذكرها والآن ذكر (ولنجعله آية للناس). يقدرون المحذوف بمعنى ليكون نبياً ورسولاً ولنجعله آية للناس.
آية (٢٢):
* ما الفرق بين السوء والسيئات؟ (د. فاضل السامرائى)
ويقول العلماءإن الكون يتوسع من الضربة الكبرى، ولا يوجد دليل بأنه سيتمدد للأبد فهو سوف يتباطأ تمدده تدريجياً، ثم يقف، وبعدها ينقلب على نفسه، ويبدأ بالتراجع في حركة تقهقرية وهذا مصداق لقوله تعالى :( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداًعَلَيْنَاإِنَّاكُنَّا فَاعِلِينَ )سورة الأنبياء١٠٣ ـ ١٠٤.
آية (٣١):
* ماالفرق بين (جعلنا فى الأرض رواسى)و (ألقينا فيها رواسي) ؟ (د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة ق (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧)) وفى سورة الإنبياء (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١))هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالاعجاز العلمي. لكن الملاحظ أنه تعالى يقول أحياناً ألقينا وأحياناً يقول جعلنا في الكلام عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحداً وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين (جبال بركانية) والزلازل أو قد تأتي بها الأجرام المساوية على شكل كُتل، وهذا يدل والله أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال. وكينونة الجبال تختلف عن كينونة الأرض فالجبال ليست نوعاً واحداً ولا تتكون بطريقة واحدة هذا والله أعلم.
من آيات الإعجاز العلمى:
بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض. وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية.
آية (٣٢):
*ما اللمسة البيانية في استخدام اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول والعكس في القرآن الكريم؟ (د. فاضل السامرائى)
إعراب (إن الذين آمنوا): إن: حرف مشبه بالفعل، الذي اسمها في موضع نصب، آمنوا: صلة الموصول. الواو هنا استئنافية أو عاطفة لجملة يعني وخبر إن محذوف سيدل عليه ما سيأتي تقديره الكلام: إن الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ابتدأ كلاماً آخر معطوف على الكلام السابق (والذين هادوا والصابئون والنصارى) الذين: مبتدأ في محل رفع خبره (من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) جملتا الشرط والجواب يعني الذين هادوا هذا حكمهم (من آمن بالله واليوم الآخر) هذه جملة خبر المبتدأ (الجملة خبرية جملة خبر) فماذا عندي؟ عندي مبتدأ حُذِف خبره لدلالة ما بعده عليه (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) جاءت الواو لتعطف الجملة الجديدة المكونة من مبتدأ ومعطوفات على المبتدأ وجملة خبرية. الذين وحدها مبتدأ وهذه (هادوا) في موضع رفه وهذه معطوفة على المرفوعات وهذا شبيه تماماً قول بِشر (إننا وأنتم بغاة) أخبر عن أنتم بقوله بغاة ولو كانت الواو عاطفة على مفرد كان لا يستطيع أن يقول أنتم. عطف الجملة واستأنفت وعطفت الجملة.
د. أحمد الكبيسى:
وتقديم الزكاة للاهتمام والعناية والقصر، أي: لا يفعلون إلا الخير، والزكاة منها.
وقد تقول: ولم لم يقل: (والذين هم للصلاة فاعلون)، كما قال: (والذين هم للزكاة فاعلون)؟
والجواب: أن إخراج النصاب إلى مستحقه كاف لأداء فريضة الزكاة، وليس وراءه شيء يتعلق بها، فإن لم يفعل ذلك فلا زكاة. أما فعل الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود مع هيئاتها الأخرى، فليس بكاف، بل ينبغي أن يكون مع ذلك خشوع وتدبر وحضور قلب وسنن، وآداب تكمل هذه الأفعال الظاهرة وتتمها، ولذلك قال r: "لك من صلاتك ما عقلت منها"، فأتضح الفرق بينهما.
وقال بعدها: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).
قيل: المعنى: أنهم ممسكون لفروجهم على أزواجهم، وما ملكت أيمانهم.
جاء في (البحر المحيط): (حفظ) لا يتعدى بعلى... والأولى أن يكون من باب التضمين ضمن (حافظون) معنى ممسكون أو قاصرون، وكلاهما يتعدى بعلى كقوله: (أمسك عليك زوجك)"
وجاء في (فتح القدير): "ومعنى حفظهم لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما لا يحل لهم... وقيل: إن الاستثناء من نفي الإرسال المفهوم من الحفظ. أي: لا يرسلونها على أحد إلا على أزواجهم. وقيل: المعنى: إلا والين على أزواجهم وقوامين عليهم".
إن اختيار هذا التعبير اختيار عجيب، وفيه آيات عظيمة لمن تدبر ونظر. ذلك أنه قال: (والذين هم لفروجهم حافظون)، ولم يقل (ممسكون) أو نحو ذلك مما فسر به. وفي اختيار (الحفظ) سر بديع، ذلك أن الذي يمسك فرجه عما لا يحل يكون حافظاً لنفسه ولفرجه من الآفات والأمراض والأوجاع التي تصيبه، وهي أمراض وبيلة وخيمة العاقبة. ومن أرسله في المحرمات، فإنما يكون قد ضيعه وضيع نفسه.
جاء في الحديث: "لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا"[٢٥].
اللعنة في اللغة هي الطرد والإبعاد، إبليس لعنه أي طرده من رحمة الله. مقتضى شهادة الزوج لما يرمي زوجه إذا نفذت ستكون النتيجة أنها تقتل وترجم وتُبعد من الحياة، الزوج إذا رمى زوجه بالزنا سترجم إذن ستطرد من الحياة، تُبعد من الحياة، فهو إذن كما أبعدها من الحياة يستحق اللعنة إذا كان كاذاباً يستحق الطرد والإبعاد من رحمة الله واللعنة إن كان كاذباً هذا جزاؤه كما طردها يُطرد وكما أبعدها يُبعد. أما بالنسبة للزوجة فلو فعلت ذلك فهي فعلت فاحشة كبيرة فتستحق غضب الله كأي فاعل فاحشة لأن الزوج لا يناله شيء، شهادتها تنجيها من الحدّ لكنها لو فعلت فعليها غضب الله كأي واحد يفعل فاحشة عليه غضب الله. الزوج يرمي زوجه بالزنا دون شهداء فيحتكم إلى اليمين فلو فعل ذلك مقتضى هذه الشهادة أنها ستُرجم فإن كان كاذباً يستحق لعنة الله تبارك وتعالى والطرد من رحمة الله تعالى كما فعل بها أما هي فتستحق الغضب لأنه لا يترتب على الزوج شيء.
*ما سبب الاختلاف في حركة كلمة الخامسة في آيتي سورة النور (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)) و (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩))؟ (د. فاضل السامرائى)
الأولى مرفوعة لأنه قال تعالى (فشهادةُ أحدهم أربعُ شهادات) مبتدأ وخبر والخامسةُ معطوفة على أربع. وفي الثانية قال تعالى (أن تشهد أربعَ شهادات) (أربعَ: مفعول به) والخامسةَ معطوفة عليها.
آية (٢٠):
*ما دلالة التوكيد بـ (إنّ) واللام في هذه الآية (إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (١٤٣) البقرة)وفى(وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (٢٠) النور) ما أكّد ؟(د. فاضل السامرائى)
عندما تأتي كلمة السبيل بالألف واللام وهي لم ترد في القرآن إلا في ثلاثة مواضع منها الآية في سورة الفرقان محل السؤال (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧)) والسبيل هنا يعني سبيل الاسلام (أل) مع سبيل تعني الاسلام والآيات الست الأخرى في سورة الفرقان ليس فيها أل: ثلاث منها ليس فيها مجال إلا أن تُنصب والمنصوب في الآخر يُمدّ لأنه جاءت تمييزاً آخر الآية منصوب فمُدّت الفتحة (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)) تمييز(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)) تمييز (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٢)) تمييز وفي الآية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)) لم يأت بـ(أل) وجاء بكلمة سبيل منكرة وهنا حتى يشير الى أي سبيل يعني يتمنى لو اتخذ مع الرسول سبيلاً أي سبيل: سبيل المجاهدين، سبيل المنفقين، سبيل الملتزمين بالفرائض، سبيل المحافظين على النوافل، أو غيرهم وكلها تصب في سبيل الله. وعندما قال سبيلاً جعله نكرة بما يضاف اليه. وعندما يقول السبيل فهو يعني الاسلام خالصاً فالظالم يعض على يديه يتمنى لو اتخذ مع الرسول أي سبيل منجي له مع الرسول وليس سبيلاً محدداً. والآية الأخرى (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩)) ايضاً لا يستطيعون أي سبيل خير أو أي سبيل هداية.
نلاحظ ان الآيات الأخرى :
كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى في القصص (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١)) وفي النمل (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠)) تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف، عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والإنسان يخاف من الجان والخوف والفزع. الجان دلالة الحركة السريعة، عصاه تهتز بسرعة. الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لأنه يستتر بمقابل الإنس (الإنس للظهور والجن للستر) هذا من حيث اللغة.
سؤال: كيف رآها وفيها معنى الإستتار؟
قد يظهر الجان بشكل أو يتشكل بشكل كما حدث مع أبو هريرة، قد يظهر الجان بشكل من الأشكال. كلمة (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) إضافة إلى أنها حية صغيرة تتلوى بسرعة إضافة إلى إيحائها اللغوي يُدخل الفزع لذلك استعملها في مكان (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ). كلمة ثعبان أو حية لا تعطي هذه الدلالة. أناس كثيرون يمسكون الحية أو الثعبان ويقتلونها وفي الهند يمسكون بالثعبان. كل كلمة جعلها تعالى في مكانها.
الحية جاءت في مكان واحد لبيان قدرة الله تعالى (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١) طه) لم يقل أن موسى هرب أو فزع. ذكر ثعبان مع فرعون لأنه مخيف وذكر جان مع موسى لأنها تدخل الرعب على قلب موسى. ذكر ثعبان مرتين أمام فرعون وجان مرتين أمام موسى.
سؤال: لماذا لم يذكر جان مع فرعون؟
لأنه مع الملأ الموجودين إذا كانوا مئات وتأتي بجان واحد ماذا يؤثر؟ لذا اختار ثعبان لأنه يحتاج إلى ضخامة وقوة.
آية (٣٦):
رمضان إذاً (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴿٤٨﴾ المائدة) في منهاج ابتدائي وثانوي وكلية ودكتوراه وماجستير الخ كل هؤلاء كل واحد له منهجه.
آية (٥):
*ما الفرق بين السوء والسيئات؟(د. فاضل السامرائى)
السيئة هي فعل القبيح وقد تُطلق على الصغائر كما ذكرنا سابقاً في حلقة ماضية. السوء كلمة عامة سواء في الأعمال أو في غير الأعمال، ما يُغَمّ الإنسان يقول أصابه سوء، الآفة، المرض، لما يقول تعالى لموسى - عليه السلام - (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢) طه) أي من غير مرض، من غير عِلّة، من غير آفة. (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ (٥) النمل) كلمة سوء عامة أما السيئة فهي فعل قبيح. المعصية عموماً قد تكون صغيرة أو كبيرة، السوء يكون في المعاصي وغيرها (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ (١٢٣) النساء) صغيرة أو كبيرة. فإذن كلمة سوء عامة في الأفعال وغيرها، أصابه سوء، من غير سوء، ما يغم الإنسان سوء، أولئك لهم سوء العذاب (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) غافر) كلمة سوء عامة وكلمة سيئة خاصة وتُجمع على سيئات أما كلمة سوء فهي إسم المصدر، المصدر لا يُجمع إلا إذا تعددت أنواعه، هذا حكم عام. ولكنهم قالوا في غير الثلاثي يمكن أن يُجمع على مؤنث سالم مثل المشي والنوم هذا عام يطلق على القليل والكثير إذا تعددت أنواعه ضرب تصير ضروب محتمل لكن المصدر وحده لا يُجمع هذه قاعدة.
من قصة موسى عليه السلام(٧- ١٤)
*قصة موسى عليه السلام في سورتي النمل والقصص :
د. فاضل السامرائى:
من سورة النمل

بسم الله الرحمن الرحيم


مسألة البحر واليم ذُكِرت أكثر من مرة في هذا البرنامج وقلنا أن القرآن الكريم يستعمل اليم والبحر في موقفين متشابهين كما في قصة موسى ؟ مرة يستعمل اليم ومرة يستعمل البحر في القصة نفسها (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ (٦٣) الشعراء) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٤٠) القصص) اليمّ كما يقول أهل اللغة المحدثون أنها عبرانية وسريانية وأكادية وهي في العبرانية (يمّا) وفي الأكادية (يمو) اليمّ وردت كلها في قصة موسى ولم ترد في موطن آخر ومن التناسب اللطيف أن ترد في قصة العبرانيين وهي كلمة عبرانية. كلمة البحر وردت عامة (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (٥٠) البقرة) (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ (١٤) النحل) عامة لكن من الملاحظ أن القرآن لم يستعمل اليم إلا في مقام الخوف والعقوبة أما البحر فعامة ولم يستعمل اليم في مقام النجاة، البحر قد يستعمله في مقام النجاة أو العقوبة. قال تعالى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (٧) القصص) (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ (٣٩) طه) هذا خوف، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (١٣٦) الأعراف) هذه عقوبة، (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) طه) (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (٤٠) القصص) عقوبة، أما البحر فعامة استعملها في النِعم لبني إسرائيل وغيرهم (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (٦٣) النمل) (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ (٦٧) الإسراء) في نجاة بني إسرائيل استعمل البحر ولم يستعمل اليم.
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) هذا اتخذوا الأسباب الكاملة. فكل الأفعال على هذا النسق، مثلاً الله تعالى يقول (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴿٢٧﴾ النساء) إعلان إرادة، أعلن إرادته لعبادة المؤمنين بأن إرادته سبقت أن يتوب على كل المؤمنين إذا تابوا (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ) أن يتوب، (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب وتاب هذا الوعد تطبق يعني كيف رب العالمين لما أعلن هذه التوبة ثم طبقها قال من استغفر غفرت له وبين الصلاتين كفارة ورمضان لرمضان كفارة، نفائس، كظم الغيظ غفار، العفو عن الظالم كفارة، بر الوالدين كفارة كل هذه العبادات التي لا حصر لها مما جاء بها النص أنها تغفر الذنوب يعني مثلاً (ثلاثة لا يضر معها ذنب بر الوالدين) رمضان لرمضان كفارة ولا يعرف مضاعفات رمضان إلا الله هناك أعمال بمثلهما، أعمال بعشرة، أعمال بخمسة عشرة، أعمال بخمس وعشرين، أعمال بسبعمائة والصوم لا يعلم مقدار مضاعفاته إلا الله وبالتالي رب العالمين لما شرع لك عبادة بهذا الشكل تاب عليك (رغم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) إذاً الفرق بين (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أعلن إرادته قنن القانون شرع التشريع. (يريد الله ليتوب) اتخذ الأسباب وهذه الأسباب وما أكثرها في هذا الدين. كذلك كما قلنا يعني كثيرة حقيقة ما تحصى يعني حوالي ستة عشر أو سبعة عشر آية في القرآن وتقول الآية (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٧٢﴾ يونس) (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾ الزمر) هذا فرق وهذا فرق يعني على هذا الأساس هناك فقط إعلان الأمر (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) اتخذ الأسباب كاملة وطبعاً نحن تعلمنا أنه الآن كل فعل أراد ويريد إذا جاء بالأن والفعل معناها إعلان إذا جاء باللام لام التعليل المضمرة بعدها قل ليتوب، ليعفو، ليضلوا، معناها اتخذوا الأسباب وطبقوا ما وعدوا به وما هددوا به.
o الحجج والبراهين وسيلة القرآن للتثبيت: من أسس الحوار والمناقشة بعد ما سبق أن نقيم الأدلة العقلية والمنطقية لإقناع من نحاورهم. (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) آية ٥٩، (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) آية ٦٥، (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) آية ٦٦، (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)آية ٧٩.
o تحذير أهل الكتاب من التكذيب (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) آية ٧٠-٧١، (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)آية ٧٥.
o التحدّي الشديد: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آية ٦١
من الأمثلة على العطف في القرآن قوله تعالى في سورة الروم (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)) السماء والأرض عطف على حين تمسون وحين تصبحون؟ لا، الأرض معطوفة على السموات، و(له الحمد) معطوفة على (فسبحان)، حين تصبحون معطوفة على حين تمسون. (وعشياً وحين تظهرون) معطوفة على أبعد شيء. نقول دخلت إلى السوق واشتريت كتباً ثم ذهبت إلى البزاز واشتريت قماشاً ثم ذهبت إلى البقال واشتريت كذا وكذا ثم رجعت (رجعت معطوفة على دخلت). لو قرأنا قصص الرسل في الأعراف كل قصة ثم قال (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً (٦٥)) معطوفة على (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ (٥٩)) ثم تأتي قصة نوح ثم (وَإِلَى عَادٍ) معطوفة على (أَرْسَلْنَا نُوحًا) يعني وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً، أخاهم مفعول به منصوبة. نقول (وإلى عاد) هذ الواو واو العطف ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (٧٣)) تكلم على عاد وما فيها ثم قال (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (٧٣)).
أشرنا في اللقاء السابق إلى أوليّات الآية فذكرنا أن المقصود بقوله (يقيمون الصلاة) أداؤها على الوجه الأتم إقامة الصلاة هي أداؤها على الوجه الأتم وهي من الإحسان إلى النفس وإيتاء الزكاة من الإحسان إلى الغير. وذكر الإيقان بالآخرة وهو مدعاة إلى الإحسان إلى النفس وإلى الغير لأن الذي يوقن بالآخرة يحسن إلى نفسه بإصلاحها ويحسن إلى الغير. (وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) وفي آية البقرة قال (وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)) أي هنا كرر هم قبل (بالآخرة) ذلك أنه لو لاحظنا في سورة لقمان تردد في السورة ذكر الآخرة وأحوالها والتوعد بها في زهاء نصف عدد آيات السورة وأولها وآخرها (لهم عذاب مهين)، (فبشره بعذاب أليم)، (لهم جنات النعيم)، (عذاب غليظ)، (إليه المصير)، (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ )، (وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِه) في زهاء نصف آيات السورة يتعرض للآخرة وأحوالها ثم هي بدأت بالآخرة (يوقنون) وانتهت بالآخرة بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ (٣٤)) فناسب زيادة (هم) توكيداً على طابع السورة وما جاء في السورة. إضافة إلى أن هؤلاء ذكر أنهم محسنون والمحسنون كما علمنا أنهم يحسنون إلى أنفسهم وإلى غيرهم وزاد فيهم هدى ورحمة وليس كما في البقرة المتقين الذي يحفظ نفسه.
الجن القرآن يستعمله بما يقابل الإنس (الجنّ – الإنس) هما الأصلان لهذين الجنسين، أصلان للمخلوقات (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) الذاريات) (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) الإسراء) أما الجِنة فيستعملها بمقابل الناس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) السجدة) (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (٦) الناس). الجنّ والإنس هما الأصلان أما الناس فتكون مجموعة قليلة أو كثيرة من هؤلاء أو أفراد منهم، قد يكون الجميع (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (١٥٨) الأعراف) لجميع المخاطبين من آدم إلى أن تقوم الساعة، أو أفراد منهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (١٧٣) آل عمران) تكون هناك قرينة سياقية تحدد المعنى لكن لا تدل على عدد معين إنما تدل على مجموع قد يشمل جميع الناس (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) وفي الحديث " أشيروا عليّ أيها الناس" والمقصود الأنصار. الجِنّة مجموعة من الجن قد تكون قليلة أو كثيرة. الجنّ هم الأصل مع الإنس ويستعمل في الغالب الجان بمقابل الإنسان. الجنّ الأصل مثل الإنس والجان قد يكون واحد من هؤلاء مثل الإنس والإنسان والإنسان واحد من الناس وقد يطلق على الأكثر. الإنس غير الناس أحياناً لا يمكن استعمال الإنس مكان الناس (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ (١٣) البقرة) لا يمكن أن يقال كما آمن الإنس.
كان) بحد ذاتها فيها كلام عند النحاة وفيها معاني وفيها بحث مخصوص. هي فعل لكن فعل له دلالاته الخاصة. عندنا كان الاستمرارية بمعنى لا يزل ولم يزل ومنها (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) لا يزال هذه صفة مستمرة (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (٥٣) الإسراء) استمرارية كان ولا يزال. (كان) فعل ماضي لكن له دلالات، (ليس) فعل ماضي وتقبل علامات الفعل الماضي تقبل بالتاء والتاء علامات الفعل الماضي (لست لسنا) الأصل في ليس أن تقال للحال (لست مسافراً) (أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ (٨) هود) بعض الأفعال لها خصائص معينة ولها بحوث خاصة عند النحاة. عندنا (كان) الاستمرارية (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧) الأحزاب) معناه مستمر، (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (٥٤) الكهف) مستمر، (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (١١) الإسراء)، وقد تكون للحال (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (٢٠) النمل) هذا الآن، (لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠) يس) الآن هذه دلالة على الحال، وتكون للاستقبال (وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) الإنسان). (كان) فعل ماضي من حيث الإعراب النحوي لكن من حيث الدلالة الزمن مختلف. هناك قرينة في الآية تدلنا على معنى معين. (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) هذه مطلقة لأن صفات الله تعالى ثابتة دائماً ومنها (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) الإنسان) بمعنى صار، (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠) النبأ) بمعنى صار تحوّل. (
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) البقرة) هذا إنفاق، (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) هود) الكلام على العمل فقدم العمل (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) سبأ) قدم العمل، (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠) فصلت) هذا في القرآن كله إذا كان الكلام ليس على العمل أو على الله تعالى (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦) البقرة) ليس فيها عمل،(إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) الحجرات) يتكلم عن الله تعالى فيقدم صفة من صفات الله تعالى.
آية (١٢):
*ما دلالة كلمة (الريح)فى قوله تعالى(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿١٢﴾) ولماذا جاءت على صيغة الإفراد؟(د. فاضل السامرائى)
عندنا ذرة وفتيل ونقير وقطمير كل هذا لضرب المثل بالقلة لماذا قال مرة فتيل ومرة نقير؟ الفتيل كلغة عربية كلنا أحياناً بالصيف تلعب بجسمك وتحرك يدك على جسمك وتفتل فترى في يدك قذارة طبعاً من جسمك عرق وتراب الخ فلما تعمل هكذا ترى فتيلاً من الوساخة من وساخة جلدك شيء مفتول أسود وترميه أو من صار له مدة ولم يغتسل ويلعب برأسه فيرى فتائل صغيرة مثل الخيط ويرميها كلها وساخات فرب العالمين لما تكلم عن اليهود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴿٤٩﴾ النساء) (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴿١١١﴾ البقرة) (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴿١٨﴾ المائدة) نحن شعب الله المختار نحن الخ (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٤٩﴾ النساء) يا ناس يا وسخين يا من يستحمون في السنة مرة شف كم فيك من فتيل صغير قذر أنا لا أظلمك فرب العالمين ضرب مثل في القلة لناس وسخين في عقيدتهم في سلوكهم قال (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) كهذا الفتيل الذي في أجسادكم الوسخ هذا (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا).
أنا أقسم به لأن فيه الدليل وأنه أعجزكم وأنه أفحكم وأنا أقسم بهذا. وهناك أمر آخر القرآن الكريم هو البرهان وهو موضوع الرسالة، البرهان يعني فيه الدليل على نبوة محمد - ﷺ - فيه أدلة كثيرة وهو موضوع الرسالة في آن واحد فيه التوحيد وفيه الأحكام لأنه أحياناً تحتلف المعجزة عن موضوع الرسالة مثلاً موسى - عليه السلام - قلب العصى حية أو إخراج اليد بيضاء ليستا موضوع الرسالة، موضوع الرسالة هو الإيمان بالله والتوحيد وإنما هذه هي معجزة لتصديق الرسالة إذن المعجزة اختلفت عن موضوع الرسالة، ناقة صالح ليست موضوع الرسالة هذه معجزة وموضوع الرسالة هي دعوتهم إلى التوحيد (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ (٧٣) الأعراف) وإخراج الناقة معجزة لتصديق صالح أما القرآن فهو معجزة وهو موضوع الرسالة. كل الأنبياء كانت المعجزة مخالفة للرسالة أما مع سيدنا محمد - ﷺ - هو نفسه المعجزة وموضوع الرسالة (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) العنكبوت) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ (١٧٤) النساء) إذن هو المعجزة لأنه تحداهم به وهو موضوع الرسالة فهو جمع الفضلين هو معجزة وهو موضوع الرسالة.
آية (٣):
(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) )
*ما دلالة كل التأكيدات في الآية (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) يس)؟
ثم انتقل إلى لوط (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)) يجب أن يكمل ولا يمكن أن يدخل هنا (وتركنا عليه في الآخرين، سلام على لوط) لا يستقيم لأنه جاء قوله (ثم دمرنا الآخرين) ابتعد الكلام عنه فلا يستقيم هنا أن يضع (وتركنا عليه في الآخرين) وقد تكلم على قومه والعجوز وابتعد الكلام عن ذات لوط فما يستقيم هنا. هنا ذكر العجوز أولاً بعد نجاة أهله، لا يستقيم أن يقول وتركنا عليه ف الآخرين بعد (وإن لوطاً لمن المرسلين) ما تكلم عليه وعندنا إستثناء (إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ) فلا يحسن أن يفصل ثم جاء العطف (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ). هؤلاء المدمّرين أنتم تمرون عليهم أفلا تعقلون، الكلام مرتبط. إبتعد الكلام عن لوط فلا يستوي أن يقول (سلام على لوط) ابتعدت والضمير سيعود على قبل ثلاث آيات وفيه ذكر لاخرين وقد يعود الضمير على أحدهم. ولعل هذا البناء للأمر الذي ذكرناه أنه قال (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) فبنيت العبارة بناء خاصاً وابتعد الكلام عليه حتى لا يشبه سائر الأنبياء المذكورين، قد يكون هذا.
سنظهر أكثر من صورة في هذه الآيات ونستفيد من السؤال لبيان شيء. أولاً بصورة موجزة نقول أن المصحف المتداول الآن الذي هو مصحف المدينة النبوية وما طُبِع عليه بملايين النسخ ودول أخرى أعادت الطباعة على الصورة نفسها هذا في أصل وضع الوقفات والرموز هي للجنة كانت في مصر في بداية الثلاثينات وكان مسؤول هذه اللجنة الشيخ محمد علي خلف الحسيني الشهير بالحدّاد من كبار علماء الأزهر وكان من كبار القُرّاء في مصر من علماء القراءات القرآنية وكتب نسخة المصحف بخط يده فالنسخة المتداولة منسوخة على ما كتبه بخط يده هو وكان عضواً في اللجنة ورئيساً للجنة فهم إختاروا أماكن الوقوف من كتب القراءات والوقف والإبتداء لم يكن عبثاً وإجتهدوا في هذا. فهذا المصحف الذي بين أيدينا في الحقيقة ثروة هائلة ينبغي أن لا يُفرّط في إختيارات اللجنة ثم جاءت اللجان من بعد فأقرّت ما صنعته اللجنة الأولى التي هي من كبار علماء الأمة.
لما نأتي إلى الآيات (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴿س﴾(٢٤)) هم وضعوا علامة السجدة هنا. ما دام هذه اللجان التي هي من كبار علماء الأمة إذن لا نسأل هل هي سجدة عزيمة أو هل هي سجدة شكرإنما ما دامت موجودة أنا أسجد. لكن مع ذلك نتكلم عن الآية حتى نعرف هذا السجود لماذا كان؟ هو عبّر بالركوع.
من المقصود بالنفس الواحدة؟ آدم - عليه السلام -، ومن المقصود بـ (ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)؟ حواء. هذان آدم وحواء أنزلهما إلى الأرض وأنزل معهما طعامهما مستلزمات الحياة فذكر (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ). هذه الأزواج هي مستلزمات وجود الإنسان على الأرض. أما نحن فقد خُلِقنا بعدها (أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ) هذا ليس آدم وحواء وإنما نحن وذكر خلق آدم وحواء في بداية السورة. خلقهما وأنزلهما وكان الغذاء معداً لهما فلا ينزلهم بدون غذاء. أما (أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ) فهذا نحن لذا ذكرها بعد الأولى (خلق آدم وحواء). إذن خلق آدم وحواء سابقة علينا وذكر ما يتعلق بهما ثم ذكر خلقنا نحن وليس الكلام على آدم هنا. لذلك لاحظ في سورة النحل لما ذكر تعالى خلقنا ذكر بعدها الأنعام (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (٤) وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)) هذا خلقنا نحن وليس آدم ثم ذكر بعدها (والأنعام خلقها) خلقها لنا هنا وليس لآدم. أما في سورة الزمر ذكر آدم ثم ذريته من بعد.
*ما دلالة كلمة أنزل فى الآية(٦)الزمر؟(د. فاضل السامرائى)
أنزل في هذه الآية بمعنى خلق.
آية (٧):
* لماذا قدّم الكفر على الشكر على خلاف ما يأتى دوماً فى القرآن؟ (د. فاضل السامرائى)
· العدل مع الأقليات المسلمة التي تعيش مع المسلمين: فالعدل واجب للمسلمين وغيرهم ايضاً (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا(١٠٥)) و(وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا(١١٣)).
تذكرة بالعدل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)).
ومن لطائف هذه السورة الكريمة أن أكثر آياتها ختمت بأسماء الله الحسنى (عليم، حكيم، أو من صفات القدرة والرحمة والمغفرة) وقد ورد ٤٢ اسماً من هذه الأسماء في آيات السورة مما يشدد على أهمية العدل والرحمة في سورة النساء لآن العلم والقدرة والحكمة والمغفرة والرحمة هي من دلائل العدل. فسبحان الله العدل الحكيم الرحيم الغفور.
***من اللمسات البيانية فى سورة النساء***
آية (١):
*ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و(الربّ) في الآيتين: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) سورة البقرة وقوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم) سورة النساء؟(د. فاضل السامرائى)
ينبغي أن نعلم الفرق بين الواو والفاء في التعبير حتى نحكم. الواو لمطلق الجمع، الجمع المطلق، قد يكون عطف جملة على جملة (فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) الأنعام). الفاء تفيد السبب، هذا المشهور في معناها (درس فنجح) فإذا كان ما قبلها سبباً لما بعدها أي الذي قبل يفضي لما بعدها يأتي بالفاء ولا يأتي بالواو لأنه لمطلق الجمع. هذا حكم عام ثم إن الفاء يؤتى بها في التبكيت أي التهديد. لو عندنا عبارتين إحداهما فيها فاء والأخرى بغير فاء وهو من باب الجواز الذِكر وعدم الذِكر نضع الفاء مع الأشد توكيداً. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) النساء) ليس فيها فاء. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤) محمد) لأنهم لا تُرجى لهم توبة. وفي الأولى هم أحياء قد يتوبون.
القرآن خاطب أمة فصيحة ونحن مأمورون الآن أن نتعلم لغة هذه الأمة الفصيحة حتى نفهم كيف خوطبوا؟ هو أمر سهل على العربي صاحب الوشائج والقُربى أن يحمل سيفه ويقاتل أباه وأخاه أو أن الأسهل أن يصنع مثل هذا الكلام؟ لكنهم كانوا يدركون هذا الكلام ولذلك بعضهم يضعون أصابعهم في آذانهم لا يريد أن يُسلم حتى لا يقال أنه اتبع محمداً وترك دين آبائه وأجداده. فهِم العرب القرآن واللغة وإلا لكانوا اعترضوا أنه ليس من لغتهم لكنهم خضعوا وخنعوا. حتى ندرك حالنا وحالهم ننظر إلى إيطاليا مثلاً أو فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية في الوقت الذي كان يتنزل فيه القرآن كان هؤلاء يتكلمون لغة واحدة وهي اللاتينية ويمضي الزمن إلى زماننا كانت هناك لغة واحدة والآن لا يفهم الفرنسي اللاتينية ولا الإيطالي يفهمها وكان سيكون حالنا هكذا ونحن ما بقي عندنا من إدراك اللغة العربية هو بسبب كتاب الله الذي تنزل علينا وإلا لكان المصري يتكلم مثل الفرنسي والعراقي يتكلم مثل الإيطالي ولا يفهم المصري عن العراقي ولا العكس. لذا ينبغي أن نعود للغتنا حتى نعيش في تلك الأجواء. لكن نأخذ عنواناً عاماً أن أي قراءة آخذها حسب قراءتي اليسيرة أعرف أن العيب في تعلمي أنا هذا هو المبدأ لأن العرب فهموها ولم يعترضوا.
التوبة هي الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى. كلُ إنسان معرّض للخطأ وخير الخطائين التوابون، يعود بسرعة. فالتوبة هي الكفّ عن المخالفة والعودة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى لا أن يكون منغمساً في المخالفة ويقول تبت يا رب.
استعمال (عن) بدل (من): على سَنَن منهجنا في هذا الباب اني عدت إلى جميع الآيات التي فيها كلمة قبِل مع التوبة في القرآن الكريم فوجدت ملاحظة أن كلمة (عن) تستعمل حينما يكون الكلام هو عودة إلى الله سبحانه وتعالى والمتكلِم المباشر هو الله سبحانه وتعالى أو هو معلوم عن طريق الغيبة لما يقول (هو) يعني الله سبحانه وتعالى عبّر عنها بصيغة الغيبة لرفع الشأن والمقام من حيث اللغة. المواطن الأخرى جميعاً ليس فيها هذه الظاهرة.
أذكِّر في الفرق بين (عن الشيء) و(من الشيء)، ما الفرق بين (يقبل التوبة عن عباده) و(يقبل التوبة من عباده)؟ ثم نعود إلى الآيات ونقف عندها حتى تتضح الصورة ويتبين لنا كيف أن هذا الكتاب ليس من عند بشر.
مثال: عندما نقول: "فلان كان يمشي بسيارته وخرج من الطريق السريع" معناه وجد منفذاً وخرج وهذا المنفذ متصل بالطريق السريع. لكن لو قيل لك: "فلان بسيارته خرج عن الطريق السريع" معناه إنحرف كأنما انقلبت سيارته. هذه الصورة الآن نحن نفهمها بعد ألف عام فكيف كان العربي يفهم الفرق بين من وعن؟.(عن) لمجاوزة الشيء، (من) لابتداء الغاية كأنه ابتدأت غايته من الطريق.
لو وضعنا الآيات في سياقها يتضح الجواب: في البقرة قال (تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) البقرة)، في الزخرف قال (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٤٣) الزخرف). نضع كل واحدة في سياقها: في البقرة التي لم يذكر على صراط مستقيم هذه أصلاً لم نر فيها ذكراً للدعوة، السياق ليس فيه ذكر للدعوة والدعوة هي صراط مستقيم، وردت في سياق القصص القرآني ذكرها في سياق قصة طالوت وجالوت وقسم من الأنبياء أيضاً، عندما ذكر قصة طالوت وجالوت وذكر قسماً من الأنبياء قال (تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) البقرة) يعني أراد أن يُخبر أن هذا دليل على إثبات نبوته - ﷺ - بإخباره عما لم يعلم من أخبار الماضي، قصة لم يعلمها لا هو ولا قومه فأجراها على لسانه أخبر بها أعلمه بها الله سبحانه وتعالى، فإذن لما ذكر هذه القصة التي لا يعلمها قومه ولا يعلمها هو فأجراها على لسانه هذا يدل على رسالته. كما ذكر تعقيباً في قصة نوح لما قال له (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) هود) الله تعالى أعلمه، فيها دلالة على كونه مرسَلاً من قِبَل الله سبحانه وتعالى يعني هذه دليل على إثبات نبوته ورسالته، في قصة يوسف (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ (١٠٢)) وهذه مثل تلك، يعني هذه هي البرهان والدليل على أنه - ﷺ - مرسَل من المرسلين لم يقل على صراط مستقيم هي ليست في سياق الدعوة وإنما في سياق إثبات نبوته.
لا احد يمنع التقديم لكن التقديم والتأخير في القران الكريم يكون حسب ما يقتضيه السياق. المقام في سورة الفاتحة هو مقام مؤمنين يقرون بالعبادة ويطلبون الاستعانة والهداية أما في سورة الجاثية فالمقام في الكافرين وعقائدهم وقد نسبوا الحياة والموت لغير الله سبحانه لذا اقتضى ذكر تفضله سبحانه بانه خلق السموات والارض واثبت لهم ان الحمد الاول لله سبحانه على كل ما خلق لنا فهو المحمود الاول لذا جاءت فلله الحمد مقدمة حسب ما اقتضاه السياق العام للآيات في السورة.
فلماذا التفضيل في الجاثية (رب السموات والارض) ولم ترد في الفاتحة؟ في الجاثية تردد ذكر السموات والارض وما فيهن وذكر ربوبية الله تعالى لهما فقد جاء في اول السورة (ان في السموات والارض لآيات للمؤمنين) فلو نظرنا في جو سورة الجاثية نلاحظ ربوبية الله تعالى للسموات والارض والخلق والعالمين مستمرة في السورة كلها. (ولله ملك السوات والارض) يعني هو ربهما ( ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون) اذن هو رب العالمين ( وخلق الله السموات والارض بالحق) فهو ربهما ( لتجزى كل نفس..) فهو رب العالمين. (فلله الحمد رب السموات ورب الارض رب العالمين) جمع الربوبية في السموات والارض والعالمين في آية واحدة أما في الكلام في الفاتحة فهو عن العالمين فقط وذكر اصناف الخلق من العالمين (المؤمنين، الضالين..) لذا ناسب التخصيص في الجاثية وليس في الفاتحة.
النداء الرابع عشر: من رحمة الله تعالى بنا أن جعل لنا بعد التشدد في العهود والوفاء بها ضوابط بأن لا نضيّق على أنفسنا بالسؤال عما لا يعنينا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ(١٠١)).
النداء الخامس عشر: وفي هذه الآية يضع الله تعالى لنا ضابطاً آخر بأنه علينا بأنفسنا ولا يضرنا لو ضل كل من حولنا علينا أن نحفظ عهدنا مهما كان من حولنا ضالاً. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(١٠٥)).
النداء السادس عشر: حكم الوصية والشهادة (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ (١٠٦)).
- أهداف الشريعة الإسلامية: ذكر الفقهاء أن مقاصد الشريعة هي خمسة: حفظ الدين والعقل والمال والنفس والعرض، وهذه المقاصد الخمسة هي لمصلحة المؤمن فعليه أن يفي بعهوده وهذه المقاصد موجودة في سورة المائدة:
*(وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (١)) ما الحكمة من إيثار الظلمات والنور بالذكر دون غيرهما من أعراض السموات والأرض؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
خص الله بالذكر من أعراض السموات والأرض عرضين عظيمين وهما الظلمات والنور وذاك لاستواء جميع الناس في إدراكهما والشعور بهما وفي الاقتصار عليهما تعريض بحاليّ المخاطبين في الآية فالظلمات تماثل الكفر لأنه اغماس في الجهالة والحيرة والإيمان يشبه النور لأنه استبانة الهدى والحق.
آية (٧-٩):
*(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ (٧)) اللمس يكون باليد خاصة فلِمَ حدد الله اللمس بقوله (بأيدهم) مع أن هذا معلوم بداهة من قوله (فلمسوه)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن اللمس هو وضع اليد على شيء ما للتأكد من وجوده أو لمعرفة ظاهره وكلمة اللمس تدل على استعمال اليد ولكن الله قيد اللمس باليد ليؤكد معنى اللمس حتى لا يتوهم أنه أراد المجاز فيُصرف اللمس إلى التأمل، لا بل هو اللمس باليد وفي هذا تأكيد على معاندتهم ومكابرتهم.
* ما الفرق بين أنزلنا ونزّلنا في آيتي سورة الأنعام (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (٧) وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (٩))؟(د. فاضل السامرائى)
أليس هناك فرق بين (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)؟ (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الكلام عن الكتاب لكن يذكر من المنزِل فيما بعد لتعظيم الكتاب ليس للكلام عن الفاعل وإنما لتعظيم الكتاب، (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من أنزله؟ الله، إذن (أنزل إليك من ربك) هذا استكمال لتعظيم الكتاب.
إذن البناء للمجهول له أغراض؟.
طبعاً له أغراض، عن ماذا تريد أن تتحدث؟ هذا من البلاغة والبيان يركز على ما يريد التحدث عنه. حتى إذا ورد الفاعل فهو لغرض ما يتعلق بالكتاب يعني بنائب الفاعل أيضاً وليس بالفاعل لكن بما يأتي بالغرض في هذا السياق حسب الحاجة وحسب ما يريد المتحدث أن يتحدث عنه.
*ما الفرق بين تذّكّرون وتذكّرون وتتذكرون؟(د. حسام النعيمى)
الاختلاف في المعنى أنه لما تأتي تَتَذَكَّرُونَ تكون مساحة التأمل أوسع وهذا مثال في قوله تعالى (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٨٠﴾ الأنعام) قبلها كان الكلام عن النظر في آيات الله في الكون وهذا ربي ثم هذا ربي ثم هذا ربي أمور تحتاج إلى طول زمن.
ولكن عندما نأتي إلى تذكّرون أو تذّكّرون- بالتشديد على الذال- نجد أن المسألة منحصرة إما في أوامر من الله عز وجل يأمرهم بتنفيذها مثل (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴿٣﴾ الأعراف) الأمر يأتي أو تقرير فالمسألة منحصرة مجتزأة لا تحتاج إلى طول الوقت الذي احتاجته التأملات التي في خلق السموات والأرض وهذا ربي وهذا ربي إلى آخره في قصة إبراهيم ِ - عليه السلام -.
في آل عمران أطيعوا الله والرسول هذا أسلوب جديد. يقول (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ما أضاف الرسول إلى نفسه بل عرّفه بالألف واللام هذا الرسول له صلاحيات أن يفسر لكم القرآن ويبين مجمله ويفصِّل ما خفي منه والخ حينئذٍ أنتم أطيعوا الله في القرآن الكريم ثم أطيعوا الرسول في تصرفاته في هذا القرآن الكريم. وقال ﷺ (إنما أوتيت القرآن ومثله معه) الذي هو هذا الذي بلغنا هو من أين يعرف النبي أن الصلاة خمس اوقات والصبح اثنين والظهر أربعة من أين يعرف؟ كما نزل القرآن الكريم بلفظه للمصطفى جاء بيانه (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) القيامة) هذا الرسول (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فقط مبلّغ يا مسلمون هذا أوحي إلي، (أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ)لا الآن النبي ﷺ هو يؤدي دوره كرسول له علم وله كلام موحى بمعناه لا بلفظه وله صلاحية الفهم (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣) النساء) ورب العالمين علّم كل الأنبياء كما قال عن سيدنا عيسى (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (١١٠) المائدة) وهكذا.
الأسلوب الثالث:
هذا يتصل بكلام ذكرناه في الفاتحة (إهدنا الصراط، إهدنا إلى الصراط، إهدنا للصراط) ولا يختلف الأمر هنا: إستقام إلى الأمر كأنه كان بعيداً عنه، إستقام للأمر معناه قريب منه ولو نظرنا إلى الآيتين (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦)) إذن هم بعيدون والمطلوب أن يستقيموا إلى الله، وقوله تعالى (وويل للمشركين) هم مشركون هم بعيدون. أما الآية الأخرى (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أنت تعاهد إنساناً أمامك، (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) فيها قرب بينما الأولى فيها بُعد. فالنظام عام (إلى) غاية بعيدة واللام غاية قريبة. يجب أن نفهم متى نستعمل إلى واللام وأكثر من عالم كتبوا في معاني الحروف ولعل من أفضل ما كُتِب في الأدوات كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لأبي هشام الأنصاري الجزء الأول كله عن الأدوات وكتاب الجنى الداني أبن أم قاسم وهو معاصر وهذا لفائدة المشاهد الذي يريد أن يطّلع أكثر على معاني الأدوات والحروف. خط المصحف لأنه توقيف وخط العروض (وزن الشعر) لأنه يُكتب ولا يُسمع.
آية (٩):
* ما دلالة وصف الثمن بالقليل؟(د. حسام النعيمى)
خُشّع هذا الجمع على وزن فُعّل. والخشوع هو الإنكسار والذلة ويكون للإنسان عموماً وللقلوب وللأبصار والوجوه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) الغاشية) يظهر فيها الذلة والإنكسار، (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) المؤمنون) خشوع عام في القلب والجوارح. خُشّع جمع مفردها خاشع مثل سُجّد ساجد. قال خاشعة أبصارهم وخشّعاً أبصارهم، في الايتين في السؤال (خاشعة أبصارهم) (خشعاً أبصارهم) خشع جمع على وزن فعل هذا الوزن يفيد التكثير والمبالغة نظير قولنا في المبالغة مثل قُلّب، نقول هذا رجُل قُلّب أي كثير التقلب وسريع التقلب، وبَرْق خُلّب أي ليس فيه مطر، ورجُل حُوّل أي كثير التحوّل. هذه من صيغ المبالغة وهي أكثر من فُعَلة هُمزة لُمزة. في المفرد من صيغ المبالغة، هذه جمع خشعاً ابصارهم أي فيها مبالغة الخشوع. هذا المعنى اتضح الفرق بين خاشع وخُشّع، خاشعة إسم فاعل وخُشّع هي جمع يفيد التكثير ومفرده في الأصل على وزن فُعل يفيد المبالغة والتكثير مثل خُلّب وقُلّب.
هذا الإحسان، فحينئذٍ كلمة الإحسان ما يتعلق بالعطاء توفر له حاجاته لكن ليس فقط مجرد بِرّ وإنما تقدم هذا العطاء لهما بشكل لائق يدل على احترامك لهما وعلى عدم المِنّة أن لا تمنّ عليهما كأن تقول أنا أعطيتك وجئت لك الخ لا إطلاقاً وحينئذٍ وصاك الله بهما حسناً أي كيف تتكلم معهما؟ إذا جاء أبوك أو جاءت أمك تقوم بوجههما وإذا تكلمت معهما تكون في غاية الخضوع يعني إنتبه إلى الحديث المتفق على صحته عن الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار مسافرون ثلاثة ودخلوا غاراً عندما جاءت عاصفة فالعاصفة جاءت بحجر ثقيل فأغلقت باب الغار ولم يستطع أحدٌ منهم أن يزحزح هذا الحجر ونفذ ما معهم من ماءٍ وطعام وأوشكوا على الهلاك فتح لله على أحدهم وقال يا جماعة تعالوا نتوسل إلى الله عز وجل بأحسن عملٍ عملناه في حياتنا وكل واحد جاء بعمل الثالث قال يا ربي أنت تعرف أن لي أم وأب وصارا كبيرين وأنا عندما أعود من العمل والعمل كان بين الإبل وبين الغنم يعني كان صاحب إبلٍ وغنم كنت آتي لهما باللبن لكي يتعشيا لكي يناما وكنت لا أعشي أطفالي إلا بعد أن أعشي والدي-وطبعاً نحن نتكلم بالمعنى وليس بلغة الحديث- لا يعشي أولاده إلا بعد أن تشرب الأم والأب هذا اللبن ثم يناما ثم يذهب ويوقظ أطفاله حتى يعشيهم، يوم من الأيام جاء وقد وجد أبويه نائمين وهو يحمل لهم غبوقهما يعني كأسين من اللبن فلما وجد الأبوين نائمين بقي يحمل هذين القدحين إلى أن استيقظا عند الفجر وهو يحمل هذين القدحين وهو واقف أمام رأسيهما وأولاده جائعون ولم يعشهم إلا بعد أن استيقظ الأبوان فقدم لهما هذا العشاء البسيط وهذا هو عشاؤهما كل يوم لا يشربان غيره وبكل أدب بكل خدمة سقاهما كما تسقي الأم المرضعة طفلها ثم عاد بعد أن صليا وعادا وذهب وأيقظ أطفاله لكي يعشيهم، هذا (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) كيف تتعامل (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴿٢٣﴾ الإسراء) ولا أفّ هذا من الحسن
هنا جريمة قتل لا تمحى ولا تغفر مهما حصل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) يقتله مع أنه مؤمن يقتله على عقيدته على أنه كافر كما يحصل اليوم وحصل من أول أيام الإسلام قتل سيدنا عثمان وسيدنا علي وسيدنا عمر وقتل الصحابة والتابعيين وتابعين التابعيين والآن يقتل كثير من العلماء والصالحين والكتاب والمسلمين والموحدين وأهل المساجد يقتلون على أنهم مشركون هذه الآية تتحدث عنهم (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) يؤمن أنه لا إله إلا الله (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) فرق بين أعد لهم عذاباً عظيماً في آية وآية أخرى (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿٦﴾ الفتح) ما الفرق؟ من يقتل مؤمناً متعمداً اختار الله له من عذابات جهنم كثيرة عذابات جهنم لا حصر لها حر وبرد وأفاعي وعقارب وتجويع وهناك عذاب مهين يعني يجعلونه هزؤ وهناك عذاب كبير وهناك عذاب أليم يعني لا حصر لعذابات جهنم نعوذ بالله منها ولهذا رب العالمين ما ادخرها إلا لمشرك (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٦﴾ الليل) افهموها جيداً، هذه جهنم الرهيبة الأساسية الأصلية خاصة للمشركين (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴿٨﴾ الهمزة) (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) نار المؤمنين شيء ثاني خليكم واقعيين هناك فرق بين أشغال شاقة وبين توقيف في مركز الشرطة أيّ جنحة أيّ مخالفة أيّ تحقيق يتركك يوم يومين بالتوقيف أما الأشغال الشاقة مأساة تتمنى الموت عشرين ثلاثين سنة أشغال تكسر حجر طوال النهار في الشمس فكيف يوم عذاب جهنم؟ (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى) الذي كذب برسوله وبالله وما إلى ذلك.
قال تعالى في سورة ق (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠)) وقال في سورة الطور(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)).
الأدبار جمع دُبّر بمعنى خلف كما يكون التسبيح دُبُر كل صلاة أي بعد انقضائها وجاء في قوله تعالى في سورة الأنفال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)). أما الإدبار فهو مصدر فعل أدبر مثل أقبل إقبال والنجوم ليس لها أدبار ولكنها تُدبر أي تغرُب عكس إقبال.
****تناسب فواتح سورة ق مع خواتيمها****
بداية لا النافية للجنس يعني تستغرق كل الجنس المذكور يعني لما تقول لا رجلَ جميع الرجال لا واحد ولا أكثر كل هذا الجنس هو منفي، بينما لما تقول ما من رجل أيضاً تنفي استغراق الجنس (من) زائدة هذه تفيد استغراق الجنس كله، إذن ما الفرق بينهما إذا كان المعنى واحداً؟ والقرآن يستعملهما (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (١٩) محمد) (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) ص) ؟ لا النافية للجنس يقولون هي جواب لـ (هل من) يعني كأن سائلاً سألك هل من رجل في الدار؟ فتقول له لا رجلَ في الدار، هذه إجابة على سؤال (هل من؟) لما تقول هل رجلٌ في الدار؟ جوابه لا رجلٌ في الدار (لا هنا نافية) ولما تقول هل من رجلٍ في الدار؟ جوابه لا رجلَ في الدار (هذه لا النافية للجنس). (من) زائدة لاستغراق الجنس، هل رجل يحتمل واحداً أو أكثر أما هل من رجل ينفي الجنس لا رجل ولا اثنان ولا أكثر، هذه قاعدة مقررة. إذن لما تقول هل رجلٌ في الدار جوابه لا رجلٌ في الدار و(لا) هنا نافية، هل من رجل في الدار تجيبه لا رجلَ في الدار، هذا مقرر في اللغة وهنا (لا) نافية للجنس. فإذن لما تقول لا رجلَ هو جواب لـ(هل من)؟، هذه جواب سائل. أما ما من رجل في الدار هذا ليس جواب سائل وإنما رد على من قال لك إن في الدار رجلاً. لا النافية للجنس إجابة على سؤال وما من رجل رد على قول إن في الدار رجلاً. لا رجلَ إعلام لسائل وإخبار عن شيء لا يعلمه أو جواب عن سؤال، أما ما من رجل فهو رد على قول.
*لماذا قدم السموات على الأرض؟
أولاً من الذين كان يسبح سابقاً أهل السماء أو أهل الأرض؟ أهل السماء لأن أهل الأرض لم يكونوا موجودين أصلاً، قبل أن خلق آدم فبدأ بمن هو أسبق تسبيحاً، بمن هو أدوم تسبيحاً (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠) الأنبياء) (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨) فصلت) فبدأ بأهل السماء لأنهم أسبق في التسبيح قبل خلق آدم ولأنهم أدوم تسبيحاً، أدوم في هذه العبادة.
*أول آية في سورة الحديد من الناحية البيانية :
المؤمن يقيناً هو مسلم لأن الذي يستقر الإيمان في قلبه يطبّق لكن ممكن أن الإنسان يطبّق والإيمان لمّا يدخل بعد في قلبه. كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤناً. عندما يحدثنا عن إنسان معيّن ويقول إنه مؤمن ثم يقول بعد ذلك أنه هو مسلم معنى ذلك أنه جمع له الأمرين: الإيمان الباطني والتطبيق العملي أراد أن يشير إلى التطبيق العملي. فأهل هذا البيت كانوا مؤمنين (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين) لوط وأهل بيته لأنه (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) البيت المقصود به أصحاب البيت، سكان البيت لأن البيت هو ما يبيت فيه الإنسان، هو ما يقضي فيه ليله. هذه على قبيل (واسأل القرية) في سورة يوسف. (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) بمعنى غير أهل بيت من المسلمين. لم يقل المؤمنين حتى لا تتكرر أولاً لأنه لو قال في غير القرآن ( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين، فما وجدنا غير بيت من المؤمنين) هنا التكرار غير محمود لأنه لا معنى له. (غير بيت) يكون مطلقاً ولو قال (غير بيت منهم) كأن يصغّرهم وهو يريد لهم قيمة. فإذا كرر المؤمنين هنا وهي قريبة كأنما يكون تركيزاً على الإيمان وليس فيه إشارة إلى التطبيق العملي والآية أرادت أن تذكر أنهم مؤمنون مطبقون لإيمانهم عملياً فجمعت لهم بين الإيمان والإسلام لأنهم هم أنفسهم وليسوا فريقان فريق مؤمن وفريق مسلم كما (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) لكن هؤلاء وصفهم بالإيمان. فحينما يعود ويصفهم بالإسلام معناه هذا تأكيد لقيامهم بالتطبيق العملي لإيمانهم، أنهم مطبقون عملياً. هذا قول جمهور المفسرين. هناك قول آخر ولا بأس أن نذكره والمشاهد الكريم يحاول أن يرى إلى أي التأويلين يطمئن قلبه لأن اللغة تحتمل ذلك. الرأي الأول وفيه رفع منزلة لأهل لوط، نحن لا ندري على وجه التعيين من كان مع لوط - عليه السلام - من أهل بيته.
نقرأ الآيات حتى تتضح (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦١)) هذا وصف الجنتين وقال (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) أي أقل منهما في الجزاء (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٣) مُدْهَامَّتَانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٥) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٧) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (
ختم سورة الطور بقوله سبحانه (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)) ما بعدها في سورة النجم قال (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)). إدبار النجوم والنجم إذا هوى أي إذا سقط وغرب، إدبار النجوم هو النجم إذا هوى. في خاتمة الطور (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) وأوائل سورة النجم في المعراج (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠))، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) لأنه بداية للذهاب إلى موطن التسبيح والتحميد وهو السماء العُلا. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) ستذهب إلى الملأ الأعلى وهو المملوء بالتسبيح والتحميد. هذا ارتباط ظاهر: إدبار النجوم – والنجم إذا هوى، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) كأنه توجيه له للإستعداد للذهاب إلى السموات العُلا.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة الطور للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
لِمَ لم يقل فلك مع أنه استعمل الفلك (ويصنع الفلك)؟ لو نظرنا إلى الجو العام جو رعب، جو خوف (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (١١) القمر) كأن السماء من حيث نظر الإنسان يرى باباً مفتوحاً من الماء، ما قال غيث لأن الإنسان لما يسمع كلمة مطر أو غيث يتخيل نقاطاً، قطرات، هذا ماء منهمر الذي يقولون عنه كأفواه القِرَب المفتوحة. (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) القمر) يعني كل ذرة من الأرض انفجرت عيوناً، الأرض كلها صارت عيوناً، (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ (٤٢) هود) معناه هناك ريح تعصف بحيث تضرب الماء فيرتفع الماء فيكون أمواجاً هذا شيء مخيف. لو قال في فلك، الفلك مكان آمن خاصة إذا إستعمل (في)، الإنسان آمن في داخل السفينة. لكن أراد أن يقوي صورة الخوف والرعب فقال (على ذات ألواح ودسر) هي عبارة عن ألواح مشدودة وقال (وحملناه على ) ما قال (في) فلما يتخيل الإنسان هذا المشهد، هو فوق ألواح ودسر وهذا الماء بهذا الشكل يزداد رعباً ويتذكر أن ذلك قدرة الله سبحانه وتعالى كيف حمل نوحاً ومن معه على هذه الألواح والدُسُر. هذا المعنى يفوت لو قيل في غير القرآن وحملناه على فلك أو في فلك أو في سفينة أو على السفينة يضيع هذا المعنى وإلا القرآن قادر أن يقول وحملناه في فلك ويضحي بالفاصلة كما ضحى بها في (وهو يهدي السبيل)، لكن الصورة تختلف. تخيل الإنسان الذي تقدّم بالعمر يتذكر أن أناساً كانوا ينقلون بضائعهم بين المدن التي على النهر عن طريق ألواح ودسر حتى عندنا يسمونهم بالعامية الكلك، مجموعة أخشاب مشدودة ببعضها ويجلسون عليها وينقلون عليها البضاعة من مكان لمكان ولما يرجع يسحبها بالحبل على كتفه.
نضرب أمثلة: قال تعالى في الأعراف (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (٧١)) وقال في يوسف (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٤٠)) وقال في النجم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣)). ننظر السياق في الأعراف فيها محاورة شديدة حيث قال (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١)) فيها تهديد، كلام شديد من أولئك كيف تتركنا نترك آلهتنا ونعبد الله فقال (نزّل).
أولاً الموت (مات) بالفعل الماضي منسوب إلى المتكلم أو المتكلمين ورد في أحد عشر موضعاً في القرآن الكريم. (مِتُّ) للمتكلم أو المتكلمة بكسر الميم في سورة مريم (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا (٢٣)) و (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦))، الأنبياء (أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤))، (مِتّم) في سورة المؤمنون (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (٣٥))، آل عمران (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (١٥٨))، (مِتنا) في سورة المؤمنون (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢))، الصافات (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦))، (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣))، ق (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣))، الواقعة (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧)). نافع، يعني أهل المدينة، والمغرب العربي، حمزة والكسائي حيثما وردت بكسر الميم في الأحد عشر موضعاً الميم مكسورة عندهم. إبن كثير (مكة)، إبن عامر (بلاد الشام) وأبو عمرو (البصرة) وشعبة عن عاصم (قبائل من الكوفة) مُتم بضم الميم حيث وردت في الأحد عشر موضعاً. حفص عن عاصم لوحده كسر الميم في تسعة مواضع وضمّ في موضعين.
كلمة زوجة بالإضافة هي طبعاً في القرآن لم تستعمل بالتاء وإنما إستعملت كلمة زوج للدلالة على الرجل أو على المرأة. الرجل زوج والمرأة زوج وهذا هو الأفصح في اللغة. هذا ليس من المشترك اللفظي لكن لو أخذنا بنظرية الإشتقاق لإبن جِنّي لما نقلب حروف كلمة زوج تصير جوز ولما تفتح الجوزة هي عادة من فلقتين وكل فلقة تقريباً مساوية للأخرى فالزوج في أصل اللغة هو الواحد الذي يشكّل مع الثاني زوجين فهذا زوج وهذا زوج فهما زوجان. لما تقول زوج ليس هو أي فرد وإنما الزوج هو الذي يشكل مع الآخر زوجين هذا زوج وهذا زوج فهما زوجان لكن طول الإستعمال صار البعض يطلق كلمة الزوج على الإثنين يقول عن الشفع زوج هذا ليس خطأ في اللغة لأنه صار عندنا تطور الإستعمال لكن الأصل أن الزوج هو الذي يشكل مع الآخرين زوجين. بهذا المعنى إستعمله القرآن الكريم لما قال (ثمانية أزواج: من الضأن إثنين ومن المعز إثنين ومن الإبل إثنين ومن البقر إثنين) ذكر أربعة أشياء فقال ثمانية أزواج يعني ثمانية أفراد كل فردين يشكلان زوجين. وقال تعالى (وقلنا إحمل فيها من كل زوجين إثنين) هذا الزوج وهذا الزوج وأكّد بكلمة إثنين. رجل وإمرأة زوجان زوج وزوج. يقولون الأعداد الشفعية أو الزوجية: الشفع ٢ والوتر ١. كلمة زوج لم تأت مضافة إلى ما بعدها في القرآن الكريم دائماً يستعمل إمرأة ما عندنا زوج فلان وإنما عندنا زوجك بالكاف أما مضافة إلى شخص بإسمه فغير موجود. لما نأتي إلى إمرأة نلاحظ أن كلمة زوج لو قيل في غير القرآن زوج نوح أو زوج لوط أو زوج فرعون لو قيل هكذا توحي بنوع من المقاربة والتوافق لأن الزوج هو الذي يشكل مع الثاني زوجين فلو قال زوج فلان كأنها شكلت معه شيئاً واحداً فزوج فرعون المؤمنة لا تشكل مع فرعون زوجين صحيح هي إمرأته لكن لا يطلق عليها زوجه من حيث اللغة السامية الرفيعة التي تلحظ هذه المسائل الدقيقة.
أحدهما هذا أو هذا هو ليس بالضرورة الجمع بينهما لكن هذا إشعار بالمجيء فقال (انفَضُّوا إِلَيْهَا) لأن الإنفضاض كان للتجارة. (انفَضُّوا إِلَيْهَا) معناها ذهبوا إليها وتركوا المجلس. تركوا سماع الخطبة وذهبوا. هذا هو الأصل كان تقديم التجارة لأنها سبب الإنفضاض. أما تقديم اللهو فيما بعد (خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ) الناس ليس كلهم عندهم تجارة واللهو أعم من التجارة. أكثرهم يلهون لكن ليس أكثرهم يتاجر فقدّم ما هو أعم (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ) ثم قال (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) جعل الرزق بجانب التجارة لأن التجارة من أسباب الرزق وليس اللهو من أسباب الرزق. إذن صار هنالك أمرين السبب الأول سبب لنزول هذه الآية هو التجارة وليس اللهو فقدم التجارة ثم أعطى الحكم العام (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ) لأن اللهو أعم. (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا) هذه واقعة حصلت بالفعل وقوله (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ) هذا حكم. حتى من الناحية الفنية والبيانية أنه يضع التجارة بجانب الرزق وليس بجانب اللهو (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١))، الرازقين وضعها بجانب الرزق فليس لائقاً ولا مناسباً أن يقول تعالى (الله خير الرازقين) بجانب اللهو وفي اللغة عادة تترقّى من الأدنى إلى الأعلى فذكر الأدنى (اللهو) ثم الأعلى (التجارة).
كلمة يشاقق هي فعل مضارع لما تكون مجزومة فُكّ إدغامها، شاقّّه يشاقّّه بالإدغام، لما يأتي الجزم للعرب لُغتان منهم من يُبقي الإدغام ويفتح لالتقاء الساكنين، تقول: تكلّم فلان فلم يردَّ عليه أحد (يرُدَّ مجزوم وعلامة جزمه السكون وقد فُتِح لالتقاء الساكنين لأنه حوفظ على الإدغام). و (لن يرُدَّ) تكون الصورة واحدة لكن في الإعراب اختلف وعلامة نصبه الفتحة. (لم يرُدَّ) علامة جزمه السكون وقد حُرِّك بالكسر للتخفيف لالتقاء الساكنين، الدال الأولى ساكنة والدال الثانية المضمومة في يردُّ صارت ساكنة فلما جُزِمت حذفت الضمة فصار ساكنان ففتحت لالتقاء الساكنين. بعض قبائل العرب تقول: تكلم فلان فلم يرُدد عليه أحد (تفُكّ الإدغام). وهما لغتان فصيحتان تكلم بهما القرآن. هنا في الآية (ومن يشاقق) فك الإدغام. وعندنا في الآيات (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤) الحشر) أبقى الإدغام. فالعلماء وقفوا لما يكون ذكر لاسم الجلالة وحده يبقى الإدغام، وقسم يقول إذا ذكر الرسول - ﷺ - لأن الألف واللام في الرسول طارئة فهي على نية الإنفصال فيصير فك إدغام، وبعض العلماء يقول: لا، مع كلمة الله الألف واللام ثابتة فبقي الإدغام. نقول لا، المشاقّة هي أن تكون في شق والثاني في شق ومع الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن تكون في شق والله عز وجل في شق فأُبقي الإدغام. وهذا جاء في القرآن الكريم كله هكذا.
*لماذا جاءت (يشاققِ) بالكسر في آية سورة الحشر(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤) الحشر)؟ (د. فاضل السامرائى)
هذا الفعل مجزوم وعلامة جزمه السكون حُرِّك لالتقائ الساكنين.
* ما الفرق بين استعمال كلمتي عقاب وعذاب كما وردتا في القرآن الكريم؟(د. حسام النعيمى)
أما في سورة الصف (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧)) غيروا ما في كتبهم، كذبوا، (يريدون ليطفئوا) فيه نوع من الإصرار من قبلهم للإطفاء كأنما يريدون بفعلهم هذا أن يصلوا إلى إطفاء نور الله، إلى حجب الإسلام ففيها نوع من التأكيد. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) إستعمل إسم الفاعل والإسم أثبت وآكد من الفعل فناسب هذا التأكيد، لما جاء باللام جاء بكلمة (متم نوره). في المغرب يقرأون متمٌ نوره فإذن عندنا قراءتان: متمُ نوره قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي عن عاصم وشعبة قرأها متمٌ نوره، معناه مكة وقبائل الكوفة قرأت متمُ نوره، المدينة والبصرة الشام وبعض قبائل الكوفة (شعبة عن عاصم) قرأوا متمٌ نوره. عندما يقول متمُ نوره بمعنى أن الأمر وقع. بعض النحويين أراد أن يبين حاجة الفقه إلى النحو، سأل أحدهم إذا قال لك فلان أنا قاتلُ زيد أو قال لك أنا قاتلٌ زيد فماذا تقول؟ قال في الحالين آخذ به فهو اعتراف بالقتل، قال لا إذا قال أنا قاتلُ يعترف على نفسه بالقتل لكن لو قال أنا قاتلٌ زيد فهذا تهديد بالقتل أنه سيفعل ذلك في المستقبل. متمُ نوره إشارة إلى وقوعه ووقوع بداياته بإرسال الرسول - ﷺ - ومتمٌ نوره إشارة إلى استمرار نزول الآيات على الرسول - ﷺ - في المستقبل أي لم يتوقف الوحي.
هذا فيما يتعلق بالتوكل إذن نقدم كل الأسباب المؤدية إلى النُجح ثم نقول يا رب توكلنا عليك من قلوبنا لأنه أنت تقدم جميع الأسباب ثم لا يكون ما تريد في كثير من الأحيان.
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) هذا عهد من الله تعالى ينبغي أن نطمئن إليه لأنه عندنا شرط (من يتق الله) وجواب شرط (يجعل له مخرجا). التقوى وكن مطمئناً أن الله عز وجل سيجد لك مخرجاً ويرزقك من حيث لا تحتسب (يرزقك: هذا معطوف على المجزوم وهو مجزوم) وهو داخل ضمن العهد. الله تعالى يتعهد جلّت قدرته (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب). هنا وقفة قصيرة: الموظف يقول أنا رزقي واضح أشتغل الشهر بكامله ونهاية الشهر آخذ مرتّبي فرزقي ثابت واضح فكيف يرزقني من حيث لا أحتسب؟ هنا ينبغي أن نبيّن مفهوم الرزق. الرزق نوعان رزق بمال يدخل إليك هذا المنظور، ورزق بضُرٍ يدفعه الله عز وجل عنك هذا رزق أيضاً وهو مستور. يمكن هذا الموظف الذي يقول رزقي ثابت أنه ضرسه تؤلمه، فيذهب إلى الطبيب، يمكن أن الله سبحانه تعالى يجعل الأمر خفيفاً بحيث أنه لا يحتاج إلى تنظيف بسيط ويمكن أن تحتاج لحشوة جذر تكلف ألف درهم فالفارق هو رزقه لما كفّ عنك حشو الجذر وجعل أمره سهلاً المبلغ الفارق هو رزق جاءك وأنت لا تعلمه. الرزق الذي يدفع الله عز وجل عنك ضراً هو أرحم بك مما يدخل جيبك لأن الثاني يكون فيه ألم الضرس ودفع المال. فإذن هكذا ينبغي أن نفهم رزق الله عز وجل. الرزق ليس دخول شيء وإنما كفّ ما يقتضي الإنفاق أن الله عز وجل يكف عنك، فيكون رزقك من حيث لا تحتسب. فضلاً عن أن هناك رزق يأتيك ن حيث لا تحتسب أحياناً أنت جالس في ندوة معينة ويقال هناك أسئلة وأجوبة وجوائز وفجأة يأتيك سؤالاً تعرفه فيأتيك رزق أنت ما كنت محتسباً له. بالإضافة إلى بركة الله أن الرزق يبارك فيه.
القياس: استحاذ مثل استنار واستعان واستعاذ. نحن تناولناها عرضاً لما كنا نتكلم على التعليلات والتفسيرات الموجودة التي فسرها النحويون. قلنا قد تصح وقد لا تصح كما قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: مثلي في هذه التعليلات والتفسيرات كمثل رجل دخل داراً مبنية فقال إن البنّاء وضع النافذة هنا للعِلّة الفلانية ووضع الباب هنا للعلة الفلانية فقد يصيب العِلّة وقد لا يصيبها. ثم ذكرنا في مسألة الصرف والاعلان بالنقل أو الاسكان لما قلنا لو أخذنا من الخوف على وزن أفعل يفعل كان ينبغي أن نقول أخوف يخوف إنما العربي قال: أخوف يُخيف. لماذا لم تطبق القاعدة؟ علماؤنا يقولون هناك مجموعة من الكلمات طبعاً غير الصيغ ما أفعله وأفعِل به هذه صيغة خاصة العرب أبقتها على حاله كأنه إشارة إلى الأصول منها كلمة استحوذ ومنها كلمة أغيَلت المرأة ما قالوا أغالت يعني حملت وهي ترضع فكأنها أغيلت طفلها، القاعدة أن تقول أغالت. وبعض المرضى عندما ينتفخ جسده يقولون استفيل الرجل أي أصابه داء الفيل ما قالوا أستفال. أحد الشعراء وصف الجمل بوصف الناقة فقال: استنوق الجمل ما قال استناق. إذا تصرّفت المرأة بتصرفات الرجال، تزيت بزيهم الآن نقول استرجلت والعرب يقولون استتيست الشاة وما قالوا استتاست. هذه الكلمات قالوا حكمها لأن اللغة استعمال أن تستعمل كما وردت ولا يجوز أن تطوّع للقياس ولا يصح لأحد الأن يقول استناق الجمل لأن العرب قالت استنوق لكن لا يجوز أن تقيس عليها: لا يجوز أن تقول استقول فلان من وظيفته وأنت تريد طلب إقالته بل قُل استقال لا تقول هذه قياساً على استنوق. استنوقت لا تطوّع للقياس ولا يقاس عليها لم يسمع من عربي استناق ولم يسمع من عربي استحاذ وإنما نستعمل استنوق واستحوذ.
****تناسب فواتح سورة المجادلة مع خواتيمها****
لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣) الممتحنة): لن تنفعكم يوم القيامة، يمكن أن نربطها بـ (لن تنفعكم يوم القيامة) أو بـ (يفصل بينكم). الذي ينفع أُخوّة الإيمان وليس الأرحام؟ الأرحام ليست هي الأصل مع أن هناك وصية وتشديد في صلة الرحم لكن الرحم هو رحم الإيمان. الرحم رحم جنس ورحم الإيمان فإذا فُقِد رحم الإيمان فعند ذلك لا يجوز هذا ويكونون أعداء. (يكونوا أعداء) هم ليسوا نسيجاً وحدهم في هذا لكن يذكّرهم الله تعالى بما كان من إبراهيم وقومه (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) الممتحنة) الرابط هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى وتخيّل هذا في بيئة عشائرية لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النادبات، إنما فقط يقول يا آل فلان لا يسألونه. في هذه البيئة يقول لهم إذا كان أرحام معها إيمان لا بأس أما إذا كان أرحام كفرة فهؤلاء أعداء ولا يجوز أن تلقوا إليهم المودة.
آية (٢):
*ما المقصود بالبسط؟(د. فاضل السامرائى)
١٠ـ جاء بالفعل الماضي بعد (لولا) فقال: (لولا أخرتني) ولم يقل: (لولا تؤخرني) ذلك أن المحذور وقع في حين أن الفعل المضارع قد يفيد أن ألأمر لم يقع بعد، وأن في الأمر سعة وذلك نحو قوله تعالى: (لو نشاء جعلناه أجاجاً فولا تشكرون) [الواقعة] وقوله: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل].
هذا علاوة على ما يفيد دخول (لولا) على الماضي من قوة الطلب وشدته، وإن كان مستقبل المعنى.
١١ـ ثم انظر كيف طلب مهلة قصيرة لإصلاح حاله، مع أنه كان يتقلب في الأرض من دون أدنى تفكير أو اهتمام بمآله في الآخرة أو بالأوقات التي يضيعها هدراً من دون اكتراث، فقال: (إلى أجل قريب) ولم يقل: (إلى أجل) فيحتمل القريب والبعيد، فطلب مهلة قصيرة وأجلاً قريباً لتدارك ما فات.
فانظر كيف جاء بالفاء الدالة على قصر الزمن بين إتيان الموت وطلب التأخير، وحذف (يا) النداء اختصاراً للزمن ليفرغ إلى طلبه، وجاء ب(لولا) الدالة على الإلحاح في الطلب، كل ذلك ليحصل على مهلة قليلة ليصلح شأنه، فانظر أية إشارات هذه إلى هول ما هو فيه؟
وقد تقول: ولم قال ههنا: (أخرتني) بالياء وقال في سورة الإسراء (أخرتني) فحذف الياء واجتزأ بالكسرة؟
والجواب: أن المقام يوضح ذلك.
فقد قال في سورة الإسراء على لسان إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء].
في القرآن الكريم يستعمل صيغة المبالغة (سميع) كما في قوله (وهو السميع البصير) (السميع العليم) ويستعمل صيغة المبالغة (سمّاع) كما في قوله في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٤١﴾ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٤٢﴾) وفي سورة التوبة (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿٤٧﴾) والفرق في استعمال الصيغتين في القرآن هو أن صيغة سميع استعملت في القرآن كوصف لله تعالى(وهو السميع البصير) ووصف للإنسان (سميعاً بصيرا) وهي في مقام المدح، أما صيغة سمّاع فلم تستعمل في القرآن إلا كوصف للإنسان وفي مقام الذمّ فقط.
الحق ليس مناقضاً للرُشد ولا الرُشد مناقضاً للحق. الحق أعم من الرُشد، يعني يوصف بالحق أحياناً ما لا يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما لا يخبر بالحق يعني (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (٦) النساء) هل يمكن أن يقال آنستم منهم حقاً؟ كلا. (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) ص) (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ (٦١) البقرة) (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ (٢٨٢) البقرة) (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (٦٢) آل عمران) (وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (٨٦) آل عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (٢٧) المائدة) كلها لا يصح فيها الرُشد، الحق أعم من الرشد (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ (٥٧) الأنعام) لا يصح أن يقال يقص الرُشد، (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ (٦٢) الأنعام) (فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ (٣٢) يونس) الحق أعمّ. وهذا أول فرق بين الحق والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور لا يصح فيها ذكر الرُشد. الأمر الآخر أن الرُشد لا يقال إلا في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام، نقول القتل بالحق، هذا المال حق لك، إذن الله هو الحق، الجنة حق والنار حق. هنالك أمران حقيقة: أولاً الحق أعمّ من الرُشد يُخبر به عن الإنسان وغيره ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل، إذن الرشد قسم من الحق وليس الحق كله، كل رشد هو حق لكن ليس حق رشداً باعتبار الحق أعمّ. يبقى سبب الاختلاف: ما ذكره في سورة الأحقاف عن الجن أوسع وأشمل مما ذكره في سورة الجن فعمم في الأحقاف (يهدي إلى الحق) ثم ذكر أموراً في القرآن كثيرة فصّل فيها.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة الحاقة للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز والعمل به على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
هذا الفرق في الدلالة، يبقى سبب الإختيار لماذا هنا قال خُشّعاً وهنا خاشعة؟ نقرأ الآية في سورة القمر (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)) أولاً قال (شيء نكر) نُكُر أي شديد النكارة غير مألوف ولا معروف صيغة فُعُل من صيغ المبالغة الدالة على شدة النكارة غير المألوفة وغير المعروفة، هذا واحد ثم تقديم الحال (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ) وفي الآية الثانية كلها مؤخرة (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)) الحال متأخرة بينما في القمر الحالة المتقدمة لشدة الأمر (خشعاً) حال دالة على الكثرة وشيء نكر ومتقدمة. (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) القلم) مهطعين أي مسرعين مادّي أعناقهم خائفين ولم يذكر في الآية الثانية مثل هذه الأشياء. (يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) كلها تدل على الموقف والهول وشدة النكارة فقال (خشعاً أبصارهم) فجاء بالصيغة التي تدل على الكثرة والمبالغة وقدّمها.
إما أن تعجل فتعمل عملاً تندم عليه، فتلوم نفسها علة ذلك، وهذا ما أكده قوله: (كلا بل تحبون العاجلة) وإما أن تؤخر عملاً كان ينبغي لها عمله وقرتها خيره، فتندم عليه، فتلوم نفسها على ذلك وهذا ما يفيده قوله: (كلا بل تحبون العاجلة و تذرون الآخرة) فهو هنا عجل أمراً وترك آخر فندم من الجهتين ولام نفسه الحالتين، لام نفسه في العجلة ولام نفسه في الترك.
وما أحرى أن تسمى هذه النفس بالنفس اللوامة، لأن دواعي اللوم لكاثرة عليها.
ثم انظر كيف اختار الفعل: (وتذرون) على (تتركون) ذلك أم في تذورن) حذفاً واصله (توذرون) من (وذر) ليدل ذلك على طابع العجلة الذي يريد أن ينتهي من الشيء في أقرب وقت. فاختيار هذا الفعل المحذوف الواو، مناسب لجو العجلة.
و قد تقول: ولم لم يقل: (تدعون) وهو فيه حذف كما في (وتذرون)
والجواب ـ والله أعلم ـ أن اختيار (تذرون) على (تدعون) له سببه ذلك أن الفعل (وذر) في عموم معانيه يفيد الذم، ومنه قولهم: امرأة وذرة أي: رائحتها رائحة الوذر، وهو اللحم، وقولهم (يا ابن شامة الوذر) وهو سب يكنى به عن القذف. وفي الحديث :(شر النساء الوذرة المذرة) بخلاف (ودع) فإن من معانيه الراحة والدعة وخفض العيش. وقد يفيد المدح ومنه قولهم، رجل وديع، أي: هادئ ساكن. في حين أن الموقف ذم فإنهم يحبون العاجلة ويذرون الآخرة، فاختار الفعل الذي يقال في عموم للذم ولم يختر الفعل الذي يقال في كثير من معانيه و أكثر معانيه للمدح. وهو اختيار فني رفيع.
آية (٢٢-٢٥):
ثم قال بعد ذلك: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة)
هذا الصنفان هما ما يؤول إلى أحدهما الناس يوم القيامة. الذي يؤثر الآخرة ويعمل لها، والذي يحب العاجلة ويذر الآخرة. وهذه الآيات مرتبطة بأول السورة وهو القسم بيوم القيامة أتم ارتباط. فإنه في يوم القيامة ينقسم الناس إلى هذين الصنفين.
نحن توقفنا عند سورتي المرسلات والنبأ، السورتين السابعة والسبعين والثامنة والسبعين. خاتمة سورة المرسلات في جزاء كلٍ من المؤمنين والمكذبين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)) إلى أن يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ (٤٦)) وبداية سورة النبأ (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)) والنبأ العظيم عند أغلب المفسرين هو يوم القيامة فارتبط ما قبلها بما بعدها لأنه تلك من أحوال القيامة وهذا التساؤل هو عن يوم القيامة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)) ثم (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)) سيكون هناك ارتباط بالسورة التي قبلها.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة المرسلات للدكتور فاضل صالح السامرائي زاده الله علما ونفع به الاسلام والمسلمين والدكتور حسام النعيمى والدكتور أحمد الكبيسى وإضافة الخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا الفاضلة سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز والعمل به على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
أولاً في عبس قال (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ) إذن هو مشهد الفرار وليس مشهد العذاب مشهد الفرار يخلو بنفسه والفرار عادة يكون من الأباعد ثم ينتهي بالأقربين. المذكورون هم الأخ والأم والأب والصاحبة أي الزوجة والأبناء، الأبعد هو الأخ قد نكون في مدينة واحدة ولا يرى أحدنا أخاه لسنة بينما يأوي الإنسان كل يوم إلى بيته وزوجه وأولاده. الأب أقدر على الدفع من الأم، الأم تبكي وتصرخ بينما الأب يعين ويدفع وينفع هذا مشهد فرار فلكون الأم لا تستطيع أن تفعل له شيء فهي أبعد من الأب في هذا المشهد هو يحتاج إلى الإعانة فالأب قريب للنجدة، الأعرابي إذا ما بُشّر بمولودة قال والله ما هي بنعِم الولد نصرُها بكاء وبِرُّها سرقة، تريد أن تنصره تبكي وبرها صدقة تأخذ من مال زوجها وتعطي. الأب أقدر على المنع والدفع في الفرار. ثم الصاحبة والأبناء، الأبناء أقرب من الزوجة لأن الزوجة يمكن أن يطلقها لكن الأبناء أقدر على الزوجة من النفع والإعانة قد يستعين بأبنائه ولا يستعين بالزوجة. فلما كانت الآية تصور مشهد الفرار والفرار يكون من الأبعد إلى الأقرب فأبعدهم الأخ وأقربهم الأبناء فرتبها هكذا.
نعرف أن (في) تفيد الظرفية يعني ما كنا في أصحاب السعير أي ما كنا في عِدادهم. وهم أُلقوا في السعير هذا الكلام وقد ألقوا في السعير (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)). (من) بهذا المعنى تبعيضية، في أصحاب السعير تعني أنه فيهم الآن لو قال منهم هو منهم لكن لا يقتضي أنه فيهم الآن، لما تقول في الفريق يعني هو الآن فيه لكن لما تقول من الفريق ليس نصاً على أنه في الفريق الآن. تقول هو من العراق وتقول هو في العراق، هو في العرق أي هو في العراق الآن لحظة الحديث. إذن لما قال (فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) أي هم الآن في السعير لو قال من أصحاب السعير لا يعني أنهم في السعير الآن قد يكون ما زال في الصراط أو في مكان آخر. هو في الطلبة داخل معهم، من الطلبة هو واحد منهم لكن قد يكون في البيت. إذن هذا الكلام (فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) أدل وأقوى على أنهم في السعير يعذبون الآن. إضافة إلى أن (في) ظرفية و(من) تبعيضية.
استعمال نسمع ونبصر؟ لم لم يقل نبصر مع نسمع؟


الصفحة التالية
Icon