هذه الواو موضوع كامل بين من يعصي الله ويمشي وهو غافل نعوذ بالله وبين من إذا عصى ذكر الله (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (١٣٦) آل عمران) بالاستغفار على أن تكون توبة نصوحة وأن لا تعود.
سؤال: أليس من هذا القبيل لم يقل تعالى لإبليس قلنا اخرج منها وإنما قال (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا (١٨) الأعراف)؟
نعم رتبه على وسوسته فقال (فقلنا).
آية (٣٨):
* أين جواب الشرط في الآية (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾ سورة البقرة)؟(د. فاضل السامرائى)
فإما يأتينكم : هي (إنّ وما جمعتا معاً) إنّ شرطية وما الزائدة بين أداة الشرط وفعل الشرط وجملة فمن تبع هداي هي جواب إنّ والفاء رابطة لجواب إنّ وجملة فلا خوف عليهم فهي جواب لـ(من تبع هداي).
*ما الفرق بين قوله تعالى (فمن تبع هداي)و(فمن اتبع هداي)؟(د. أحمد الكبيسى)
فيوفيهم) ترتبط بالقاعدة العامة، (نوفيهم) تنسجم مع ما قبلها من المتحدث لكن صار المعظم نفسه (نحن نصنع كذا وهو واحد لتعظيم الله تعالى) ومهّدت لـ (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) صار فيه تعظيم.
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)) رجع إلى الإفراد. لاحظ الغيبة والحضور والتعظيم وعدم التعظيم كل في موضعه لأن هنا (خلقه) الخلق هنا إفراد لعيسى أولآدم. هذا التنويع نقول حقيقة التنويع بوصفه تنويعاً في الأصل هو نوع من إراحة القراءة يعني هذا التلوين يرتاح فيه القارئ : مرة مفرد ومرة جمع، مرة يتحدث عن نفسه ومرة غائب وفي كلٍّ يراد به واحد هذا التلوين لكن مع هذه الأزمة نجد أن كل كلمة جاءت في موضعها.
آية (٥٨):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨) آل عمران) أُنظر إلى الأبعاد التي تحملها كلمة (عليك) فأولاً فيها تشريف الخطاب من الله العظيم بدلالة نون العظمة في (نتلوه). وثانياً تجد إيراد هذه الكلمة أي (عليك) تصديقاً لدعوى الرسالة وآية من آيات صدق النبوة إذ أنه لم يكن يعلم ذلك.
*ما دلالة (الحكيم)فى وصف الذكر؟(د. فاضل السامرائى)
الحكيم لها أكثر من دلالة إما أن تكون من الحُكم أو من الحِكمة. الحكيم قد تكون إسم مفعول بمعنى محكم (فعيل بمعنى مفعول مثل قتيل بمعنى مقتول) وحكيم بمعنى مُحكم قال تعالى (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨) آل عمران) وفي سورة هود قال تعالى (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)) يعني مُحكم.
آية (٦٠):
*ما الفرق بين (فلا تكونن من الممترين) - (فلا تكن من الممترين)؟(د. أحمد الكبيسى)
أراد أن يبين ضلالهم وجهلهم بعد أن ذكر مجادلتهم في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير أراد أن يبين ضلالهم وجهلهم وقلة إدراكهم، ما قال اتبعوا ما عندنا أو اتبعوا سبيلنا وإنما قال (اتبعوا ما أنزل الله) لو قال اتبعوا سبيلنا لقالوا سبيلنا أفضل، قال (اتبعوا ما أنزل الله) هذه محايدة هل ما عندهم أفضل مما أنزل الله؟ بالطبع لا. لو قال لهم اتبعوا سبيلنا أو ما عندنا لقالوا ما عندنا أفضل وفيه الكفاية. ثم قال (وإذا قيل لهم) بني الفعل لما لم يسمى فاعله (قيل) لو يذكر فاعلاً معيناً لأنه لا يتعلق الأمر بذكره وحتى لا يُظن أن رفضهم بسبب هذا القائل لأنك أحياناً ترفض القول بسبب قائله (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) الزخرف) حتى في حياتنا قد تقبل القول من أحدهم ولا تقبله من آخر ولذلك قال (وإذا قيل لهم) للمحايدة حتى لا تأخذهم العزة بالإثم. ثم قال (بل نتبع ما وجدنا عليهم آباءنا) أي جعلوا آباءهم بإزاء الله تعالى، لو قالوا لو نعلم أن هذا أنزله الله لأتبعناه لو قالوا ذلك كان يعذرهم السامع حتى يقيم عليهم الحجة، لكنهم قيل لهم (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله) هم يرفضون الرسالة بحد ذاتها آثروا اتباع آباءهم على ما أنزل الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ثم قال (أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير) هذا سؤال تعجيب من حالهم، هذا كلام رب العالمين يتعجب من حال هؤلاء (أولو كان) استفهام يُنكر عليهم يثير العجب من حالهم.
كل) لها قواعد في التعبير. (كل) إذا أضيفت إلى نكرة هذا يراعى معناها مثل (كل رجل حضر) (كل امرأة حضرت) (كل رجلين حضرا) إذا أضيف إلى نكرة روعي المعنى وإذا أضيفت إلى معرفة يصح مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، مثال: (كل اخوتك) اخوتك جمع يجوز أن يقال كل إخوتك ذاهب ويقال كل إخوتك ذاهبون، يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى. إذن إذا أضيفت إلى نكرة روعي المعنى كل رجل حضر، كل رجلين حضرا، كل امرأة حضرت. (كل) لفظها مفرد مذكر ومعناها تكتسبه بحسب المضاف إليه. إذا أضيفت لنكرة يراعى المضاف إليه وإذا أضيفت لمعرفة يجوز مراعاة اللفظ والمعنى. نوضح القاعدة: كل الرجال حضر وكلهم حضر، إذا قطعت عن الإضافة لفظاً جاز مراعاة اللفظ والمعنى (كلٌ حضر) (كلٌ حضروا) يجوز، (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ (٢٨٥) البقرة) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) الأنبياء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) ق) مجموعة قوم نوح وعاد وفرعون قال كلٌ كذب الرسل، (كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (١١٦) البقرة). إذن من حيث القاعدة النحوية أنه إذا قطعت عن الإضافة هذا سؤال (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لفظاً جاز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى يمكن أن يقال كلٌ في فلك يسبح وكلٌ في فلك يسبحون لكن هل هنالك اختلاف في المعنى في القرآن ليختار هذا أو ذاك؟ هذا هو السؤال. من حيث اللغة جائز. القرآن استخدم الاثنين (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣) الأنبياء) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (٨٤) الإسراء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) ق). مما قيل في هذا الخلاف قال: الإخبار بالجمع يعني عندما يقول قانتوت حاضرون يسبحون يعني كلهم مجتمعون في هذا الحدث ولما يفرد يكون كل واحد على حدة ليسوا مجتمعين. لما يقال كلٌ حضروا يعني مجتمعون ولما يقال كلٌ حضر يعني كل واحد على حدة.
*(يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا (٧٥) النساء) أين هذه القرية؟(د. فاضل السامرائى)
القرية هي مكة المكرمة.
*(فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً (٧٧) النساء) إذا علمت أن (إذا) في قوله تعالى (إذا فريق منهم) تسمى الفجائية فما صلتها بالآية؟ ولِمَ عدل عن أصل التركيب وهو: فلما كتب عليهم القتال خشي فريق منهم الناس؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن (إذا) لها دلالة لا يمكن الاستغناء عنها فقد دلّت على أن الفريق لم يكن متوقعاً منه هذا الموقف لأنه كان يظهر حرصاً شديداً على القتال.
آية (٧٧):
*انظر آية (٤٠). ؟؟؟
آية (٧٨):
*انظر آية (١٥). ؟؟؟
*(إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا (١٢٠) آل عمران) و (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ (٧٨) النساء) ما دلالة الاختلاف؟(د. أحمد الكبيسى)
آية البقرة: ممكن أن تُحمل على الوجهين. أولاً: آية المائدة تكلمت عن اليهود والنصارى، وفي الحج لم يذكر يهود ولا نصارى أو أي شيء، أما هنا في البقرة فذكر اليهود فقط وتكلم فيهم كلاماً يوحي لمن يقرأه أن هؤلاء ليس لهم شفاعة ولا يمكن أن يكونوا على خير مطلقاً. لما نأتي الى الآيات نجد في هذه المواطن تجميع لمصائبهم وما صنعوا (وإذ فرقنا بكم البحر، وإذ واعدنا موسى، ثم اتخذتم العجل، لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، لن نصبر على طعام واحد، فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) تكاد تقول هل لهؤلاء من منجاة؟ هل لهؤلاء من مخلص؟ لما كان هذا ما لهم جاءت الآية في وسط الكلام عليهم كأنها يريد أن تبين أن هناك باب مفتوح لهم ولغيرهمللولوج فيه وهو الدخول في هذا الدين.
يقولون هذه نزلت في اليهود والنصارى الذين بدلوا دينهم وجعلوه أقساماً هذا الأصل. لست منهم في شيء تنطبق حتى لو كان بين المسلمين يكون نفس الحكم. (لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) أي أنت بريء منهم لا تبحث عنهم ولا يعنيك أمرهم لست منهم في شيء مفارقة تامة. معنى شيعاً يعني أقسام يجعلون الدين أقساماً أقساماً يتمسكون ببعض ويتركون بعضاً
آية (١٦٠):
* قال تعالى (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (١٦٠) مع أن العدد من ٣ إلى عشرة يخالف المعدود في التذكير والتأنيث ؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (١٦٠) الأنعام) قال (عشر) والعدد من ٣ إلى عشرة يخالف المعدود في التذكير والتأنيث، الأمثال مفرده مِثِل والمثل مذكر وهو قال عشر والمفروض قياساً أن يقال عشرة لكن لما قال (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ) المِثل يصير حسنة فلما أفرد الحسنة أفرد المِثل لأن المثل حسنة، عشر أمثالها غير عشر حسنات؟ عشر أمثالها يعني عشرحسنات فإذن هو رجع إلى المعنى أن الأمثال هنا معنى الحسنات وليس معنى العدد في حد ذاته وإنما رجع إلى معنى المثل، ما المقصود بالمثل هنا؟ حسنة فغاير على المعنى وهذا في لغة العرب.
*(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا (١٦٠)) لِمَ عدل الأسلوب الإخباري إلى أسلوب النفي؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
انظر إلى بيان ما أكرم الله تعالى به هذه الأمة وانظر كم خفف عنا من الإصر والمشاق فقد قال تعالى (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) وهذا السياق يناسبه (ومن جاء بالسيئة فيجزى مثلها) فلِمَ عدل الأسلوب الإخباري إلى أسلوب النفي (وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا)؟ هذا من باب إظهار العدل الإلهي فينا فالحسنة تضاعف كرماً وجوداً والسيئة لا تجزى إلا مثلها.
آية (١٦١):
وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ (١٦١)) لا بد وأنك قرأت نظير هذه الآية في سورة البقرة لكنك مع التطابق الكبير ترى هذا الاختلاف البسيط في الضمائر فهنا استعمل ضميري الغيبة (وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ) (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وفي آية البقرة استعمل ضميري الخطاب (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (٥٧)) وما ذاك إلا بقصد التوبيخ في الخطاب وبقصد عرض المِنّة وعرض العبرة في قصة بني إسرائيل في الغيبة وزاد على ذلك أنها عادة القرآن في تغيير أسلوب القصص استجداداً لنشاط السامع وذهنه.
* (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً (٥٨) البقرة) وفي آية أخرى (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ (١٦١) الأعراف) ما الفرق بينهما؟(د. فاضل السامرائى)
هنالك أكثر من مسألة في اختلاف التعبير بين هاتين الآيتين وقد سبق أن فصلناها في حلقة سابقة. إحدى الآيتين في البقرة والثانية في الأعراف.
ذكر المفسرون هنا عدة آراء منها ان الحذف هو لظهور المراد لانه تعالى كان يخاطب الرسول - ﷺ - والمعنى واضح. وقسم قال انها مراعاة لفواصل الآيات حتى لا يقال آواك وأغناك وهداك فتختلف عن فواصل باقي الآيات ولكن كما سبق آنفاً قلنا ان القرآن الكريم لا يراعي الفاصلة على حساب المعنى مطلقاً وهي قاعدة عامة في القرآن: المعنى اولا ثم الفاصلة القرآنية ومثال ذلك الآية في سورة طه (الهكم واله موسى فنسي) وكانت الفاصلة في باقي السورة مختلفة وعليه فان الحذف هنا جاء للإطلاق والدلالة على سعة الكرم. فآوى بمعنى فآواك وآوى لك وآوى بك وأغناك واغنى لك واغنى بك وهداك وهدى لك وهدى بك. فلو قال سبحانه وتعالى فوجدك عائلا فاغناك لكان الغنى محصوراً بالرسول - ﷺ - فقط لكن عندما افاد الاطلاق دل ذلك على انه سبحانه اغنى رسوله واغنى به وبتعليماته فيما خص الانفاق وغيره خلقاً كثيراً واغنى له خلقاً كثيراً وكذلك آوى الرسول - ﷺ - وآوى به خلقا كثيراً بتعاليمه الكثيرين وتعاليمه كانت تحض على رعاية اليتامى وحسن معاملتهم واللطف بهم وآوى لاجله الكثير من الناس لان من الناس من يؤوى اليتامى حبا برسول الله وطمعا في صحبة الرسول - ﷺ - في الجنة كما ورد في الحديث: أنا وكافل اليتيم كهاتين واشار الى اصبعيه. وكذلك بالنسبة للهداية فالله تعالى هدى رسوله الكريم وهدى به خلقاً كثيراً ( وانك لتهدي الى صراط مستقيم) وهدى له ولاجله من اراد سبحانه وتعالى. اذن خلاصة القول ان الحذف هنا جاء لظهور المراد وفواصل الآيات وسعة الاطلاق كلها مجتمعة لا يتعارض احدها مع الآخر. وكذلك تناسب سعة الاطلاق هنا قوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى). فالحذف هنا جاء للعموم والاطلاق في المعنى.
*هل الفعل آوى وهدى وأغنى هل يتعدى بنفسه؟
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠))
*نظرة عامة على الآية ودلالة الترتيب واللمسة البيانية فيه :


الصفحة التالية
Icon