مثل الجلوس في الصف أو الوقوف في الساحة، الجلوس في الصف يعني عليكم أن تجلسوا في الصف، الوقوف في الساحة (مبتدأ وخبر) يعني عليكم أن تقفوا في الساحة، الجلوس في الصف لا يوجد خبر إذا تعلق الصف بالجلوس لا يكون هنالك خبر، الجلوس في الصف مطلوب نافع مفيد، الوقوف في الساحة مطلوب مأمور بها، الوقوف في الساحة عليكم أن تقفوا في الساحة. لا خوفٌ عليك موجود، لا خوف عليك إذن فيها معنيين واحتمالين وليست هنالك قرينة سياقية تحدد معنى معيناً، إذن هذا توسع في المعنى جمع معنيين. إذا أخذناها على أن (عليهم) متعلقة بالخوف يكون الخبر محذوف يعني لا خوف عليهم من أي مكروه أو لا خوف واقع عليهم إذن الرفع فيها احتمالين أن يكون (عليهم) متعلق بخوف فيكون الخبر محذوف تقديره كائن أو موجود أو (عليهم) هو الخبر، الخوفُ عليهم. أما لا خوفَ عليهم ليس فيها احتمال، (عليهم) هو الخبر نصّاً لا يجوز أن يتعلق بالخوف نحوياً. (لا خوفٌ عليهم) فيها احتمالان (عليهم) متعلقة بالخوف والخبر محذوف مقدر والآخر أن (عليهم) هو الخبر وكل واحدة لها دلالة. لو قال لا خوفَ عليهم قطعاً (عليهم) هو الخبر لأنه لو كان تعلق به سيكون شبيهاً بالمضاف فنقول لا خوفاً عليهم بالنصب ولا يصح البناء مطلقاً لأنه شبيه بالمضاف ولا يمكن أن نبني. مثال: لا بائعَ في الدار يعني ليس هنالك أي بائع في الدار مطلقاً سواء كان هذا البائع يبيع في الدار أو في السوق أما لا بائعاً في الدار يعني الذي يبيع في الدار غير موجود ربما يوجد واحد في الدار يبيع في السوق (يفتح في بيته ما يبيعه) وكأن الدار كان فيها متجر أو هو يبيع في بيته، لا بائعاً يعني الذي يبيع في الدار غير موجود. فإذن لا خوفَ ليس له إلا دلالة واحدة (أن (عليهم) خبر لا) أما لا خوفٌ عليهم فيها دلالتان. لو اكتفى لا خوفَ عليهم سنفقد معنى. (
إذاً الآية تقول إن هدى الله وهو القرآن هو الهدى ولا شيء غيره ليس هناك هدى غيره ثابت أناجيلكم كثيرة وتوراتكم مزورة وأنتم قلتم إن عيسى ابن الله وعزير ابن الله وزوّرتم واختلفتم ولم يعد الهدى الذي أنزله الله عليكم وهو هدى التوراة الله قال (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ (٤٤) المائدة) (وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴿ ٤٦ ﴾ المائدة) لكن هذا الهدى زُوّر وهذا ثابت بالدليل الواقعي حينئذٍ الهدى الوحيد الباقي على حاله غير قابل للتزوير مهما حاولت البشرية من غير المسلمين وقد حاولوا مراراً وتكراراً ولا يمكن تزويره فالهدى الباقي على وجه الأرض بكماله وتمامه بالشكل الذي أنزله الله وأوحى به إلى محمد ﷺ هو القرآن وحده قل إن هدى الله وحده هو الهدى هذه (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) هذا واحد.
السياق هو الذي يحدد، قال تعالى في سورة البقرة (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)) قال (فمن يكفر بالطاغوت) والطاغوت رأس كل طغيان من ظالم أو غيره، هذا معنى الطاغوت من كان رأساً في الطغيان مثل فرعون والشيطان وجمعها طواغيت. فمن يكفر بالطاغوت أحياناً الكفر بالطاغوت يؤدي إلى أذى شديد وهلكة إذن تحتاج إلى (لا انفصام لها) يعني لا يحصل فيها أي خدش أو انفصال أو شيء. لما ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى مظلمة كبيرة أو إلى عذاب أو إلى هلكة أكّد ربنا تعالى فقال (لا انفصام لها) أما في لقمان فهي اتباع (ومن يسلم وجهه إلى الله فقد استمسك بالعروة الوثقى) لا تحتاج. لذلك لما ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى هلكة (فرعون صلّبهم في جذوع النخل) قال (لا انفصام لها) تستمسك ولا تنفصم ولا تنفصل وكأنها تحفيز للإستعصام والاستمساك بالله سبحانه وتعالى.
*ما دلالة (فقد) في قوله تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى)؟
تبدأ (يس (١) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)) وفي الآخر (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)) أليس هو العزيز؟ الذي يملك كل شيء لا أعز منه إذن هو العزيز، الذي بيده ملكوت كل شيء يملك كل شيء لا أعز منه إذن هو العزيز، العزيز هو الحق الذي يملك كل شيء وهذه من دلائل العزيز (وإليه ترجعون) له صفات العزة كلها. لما قال (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)) يعني عزته منزّهة عن كل نقص. (سبحان) إسم مصدر بمعنى تنزيهاً، سبحان الله يعني تنزيهاً لله. فإذن هو نزّه عزّته معناه أنه رحيم. في أولها قال (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)) وقال في آخرها (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)) تفصيل عدم الإيمان بأنهم اتخذوا من دون الله آلهة. في أولها قال (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)) وفي آخرها قال (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)) في بداية السورة جاء بالجواب (إنا نحن نحيي الموتى) وهم قالوا (من يحيي العظام وهي رميم).
ثقف تستعمل غالباً في الحرب (فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (٩١)) هذه حرب أما وجدتموهم فهي عامة وليست متعلقة بالحرب فقط (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا (٨٩)) هذه ليس فيها حرب. ثقفتموهم أي ظفرتم بهم. ثقف هي ظفر به. هذه لغة المعجم وليست خصوصية للاستعمال القرآني ولو بحثت في المعجم عن ثقف ستجد معناها ظفرت به. إذن ثقفتموهم في الحرب ووجدتموهم عامة والسَلَم أي الصلح.
*(وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء (٨٩) النساء) انظر إلى هذه البلاغة في التعبير فقد عبّر الله تعالى عن رغبة المنافقين في تكفير المؤمنين بالفعل (ودّ) بينما عبّر عن فعل المؤمنين بإدخال الإيمان إلى قلوب المنافقين بالفعل (أتريدون) وذلك في قوله تعالى (أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ (٨٨)) فما وجه البلاغة في هذا الإختيار؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
عبّر الله تعالى عن محاولة المؤمنين بالإرادة لأنه ينشأ عنها الفعل فالمؤمنون يستقربون حصول الإيمان من المنافقين لأن الإيمان قريب من فطرة الإنسان بينما عبّر عن محاولة المنافقين بالودّ لأن المنافقين يعلمون أن المؤمنين لا يرتدون عن دينهم فلم يكن طلبهم تكفير المؤمنين إلا تمنّياً ووداً ولذلك عبّر عنه بقوله (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء).
آية (٩٢):
*(وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) المائدة) انظر كيف قال تعالى (عَمَّا يَقُولُونَ) بالمضارع ولم يقل "عما قالوا" مع أن الفعل (يَنتَهُواْ) مضارع فما الحكمة من تغيير الزمنين في الفعلين؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
لقد جاء الفعل يقولون بصيغة المضارع لأنه مناسب لمعنى الفعل (يَنتَهُواْ) فالإنسان ينتهي من شيء مستمر وفي الآية يأمرهم الله بالكف والانتهاء عن قول مستمر لا عن قول مضى فلو مضى لما أمر بالانتهاء بل كان أمرهم بالتوبة.
آية (٧٥):
* ما الفرق بين نصرّف ونفصّل ونبيّن الآيات في قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) الأنعام) و (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) الأنعام) و (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) المائدة)؟(د. فاضل السامرائى)
إذاً رب العالمين كما تعلمون لما قال (ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ) كما الله قال بالضبط نفس المعنى مع اختلاف كبير في الحيثيات (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾ قريش) (اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ) يعني الشكر على تلك النعمة وقبلها قال (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ الفيل) شكراً لهذه النعمة الذي آمنكم من خوف وهنا أطعمكم من جوع.
آية (١٦٢):
*(فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩) البقرة) – (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢) الأعراف)ما الفرق بين الآيتين؟(د. أحمد الكبيسى)
عندنا قاعدة عند أهل اللغة أن الإسم الظاهر أقوى من الضمير ونلاحظ بموجب هذه القاعدة اللغوية أن الوصف في النار في السورتين أيها الأشد والأقوى؟ في القارعة وصفها (نَارٌ حَامِيَةٌ) وفي الهمزة وصفها (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)) فالنار في الحطمة أشد وليست هذه كهذه، نار حامية تقولها حتى في الدنيا لكن لا تقول نار الله الموقدة فمع الشديدة جاء بالإسم الظاهر وهذه القاعدة. أي واحد في اللغة يعلم القاعدة تقول له ضع الضمير والاسم الظاهر بموجب هذه القاعدة يكون الضمير مع الهاوية والإسم الظاهر مع الحطمة.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
سورة التكاثر
*هدف السورة*
عندنا المغفرة وغفران ورضوان ومرضاة. كلمة غفران لم ترد إلا في موطن واحد في قوله تعالى (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) البقرة) في طلب المغفرة من الله تعالى. إذن كلمة غفران مخصصة بطلب المغفرة من الله تعالى، هذه دعاء أي نسألك المغفرة (غفرانك ربنا). إذن غفران تستعمل في طلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً. المغفرة لم تأت في طلب المغفرة أبداً وإنما جاءت في الإخبار وفي غير الطلب (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً (٢٦٨) البقرة) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ (٦) الرعد). في طلب المغفرة فقط يستعمل كلمة غفران ومن جهة واحدة وهي المغفرة من الله عز وجل. لم تأت المغفرة في الطلب وقد تأتي من غير الله سبحانه وتعالى كما في قوله (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) البقرة) قد تأتي من العباد. إذن المغفرة ليست خاصة بالله سبحانه وتعالى ولها أكثر من جهة ولم يستعملها القرآن في طلب المغفرة. الغفران مختصة بطلب المغفرة ومن الله تعالى تحديداً.