لماذا لم يقل لا خوفٌ عليهم ولا حزن لهم؟ جملتان إسميتان تدلان على الثبوت؟ لو قال لا حزن لهم هو ينفي الحزن عنهم ولا يثبته لغيرهم، هو قال (ولا هم يحزنون) أثبت الحزن لغيرهم لو قال لا حزن لهم لم يثبته لغيرهم. لو قال ولا لهم حزن هذا تنصيص على الجنس بمعنى ليس هنالك نص في نفي الجنس يعني لا لهم حزن لأن لا النافية للجنس لا يتقدم خبرها على إسمها فإذا تقدّم لا تعود نصاً في نفي الجنس ثم يجب رفع الحزن لا يجوز نصبه ولا بناءه (ولا لهم حزنٌ) ما دام تقدم الخبر تصير (لا) مهملة. ثم سنخسر الثابت والمتجدد لأنها تصبح كلها إسماً إذن تنفي الثابت فقط ولا تنفي الثابت والمتجدد. ولذلك هذا التعبير أجمع تعبير للدلالة على المعنى بحيث كل تغيير لا يمكن أن يكون فيه، هذا كله في (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
سؤال: إلى أي كتب رجعت؟
هذه لم أجدها في الكتب، رجعت إلى كتب التفسير وقد يكون هناك كتباً أخرى لم أطلع عليها، راجعت كل الكتب التي بين يدي من كتب اللغة فلم أجدها بهذا التفصيل.
سؤال: إذن المدخل إلى فهم آي القرآن هو النحو والتركيب فما بال الدعاة لا يقيمون أود جملة صحيحة فصيحة؟ وكيف يفهمون القرآن وهم لم يفهموا اللغة العربية الفصحى ويخطئون فيها؟
هذا نقص عجيب. ولا بد أن نفهم جيداً قواعد اللغة حتى نعمل على سبر أغوار القرآن الكريم وهذا أول شرط وضعه أهل علوم القرآن لتفسير القرآن وهو التبحر في علوم اللغة "ولا تغني المعرفة اليسيرة" هذا أول شرطا، ليس المعرفة فقط وإنما التبحر في علوم اللغة نحوها وصرفها ولغتها وبلاغتها هكذا نصاً "ولا تغني المعرفة اليسيرة". إذن لا نأخذ التفسير من أي أحد ولا بد أن يكون مشهوداً له بالتحصيل في علوم اللغة العربية هذا أولاً وهنالك أمور أخرى.
آية (٣٩):
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿ ٦٢ ﴾ البقرة) جمعكم كلكم بدين واحد (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿ ٦ ﴾ الصف) إذاً دين واحد جاء على فترات هل عندكم الآن في هذه التوراة التي بين أيديكم وهي ليست توراة منزلة وهذا الإنجيل الذي بين أيديكم وهو ليس منزل المنزل انتهى هل عندكم هذه النصوص أم عندكم تفرقة وعنصرية واستعلاء وطرد للآخر ورفض للآخر؟ هذا الفرق بين (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وهو القرآن وبين (إِنَّ الْهُدَى) الذي أُنزل على موسى وعيسى ومحمد هذا من الله عز وجل فلما كان المصدر واحداً لماذا هذا التنافس إذاً؟ فكلا الحالين هي إقامة الحجة بينهم وعليهم من أجل هذا هذا الفرق الواضح بين (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وبين (إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ).
آية (٧٤):
*ما دلالة وصف الفضل بالعظيم فى الآية (٧٤) آل عمران؟(د. حسام النعيمى)
ذكرنا يسلم واختيار الفعل المضارع ووقفنا عند (فقد) وهو قال استمسك ولم يقل أمسك (فقد استمسك). استمسك استفعل قد تفيد المبالغة في التمسك والاستمساك، أحياناً إستفعل لها معاني قد تكون للطلب (الألف والسين والتاء) مثل استنصره أي طلب نصره (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ (٧٢) الأنفال) استنجد به أي طلب النجدة، استغفر طلب المغفرة. وقد تكون للمبالغة مثل استيأس (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ (١١٠) يوسف) فيها مبالغة في اليأس، ومثل استقر فيها مبالغة في الاستقرار (قرّ واستقرّ)، استمسك المبالغة في الاستمساك. قد تكون بمعنى الوجود على الشيء استصغره يعني وجده صغيراً. المحدِّد الدلالي هو السياق فاستمسك هنا للمبالغة في الإمساك. وثد تأتي للصيرورة بمعنى التحوّل مثل استنوق الجمل، لها معاني متعددة، مثل استحجر الطين أي صار حجراً. فإذن استمسك هو المبالغة في الاستمساك. للعلم الإستمساك في القرآن لا يأتي إلا في أمور الدين (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٤٣) الزخرف) كلمة استمسك هذه وردت في أمور الدين (أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) الزخرف) وهذا من خصوصيات الاستعمال القرآني واستمسك في اللغة تأتي بمعاني عدة. ثم وصف العروة بأنها الوثقى ولم يقل الوثيقة لاحظ المبالغات لم يقل العروة الوثيقة وإنما هي أوثق العرى وهي أعلى درجات التفضيل. العروة هي ما يُمسك به والوثقى هي أقواها وأمتنها لم يقل وثيقة.
قال في أواخر يس (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)) وفي بداية الصافات (إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥)) تصحيح للعقيدة لديهم. في أواخر يس قال (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)) هذا الكلام نزل في أحدهم في قريش مسك عظماً بالياً وفتته وقال للرسول - ﷺ - أتزعم أن ربنا سيعيد هذه العظام؟ فنزل قوله تعالى (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)) ذكر ما يراه هذا الكافر وفي الصافات قال على لسان الكفرة (أَئِذَا. مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦)) أصبحوا جماعة وعمموا القول (أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (١٨) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)) - (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) يس). وقال في آخر يس (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)) - (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥) الصافات) الذي بيده ملكوت كل شيء أليس هو رب السموات والأرض؟ بلى.
إن تحرير الرقبة جعله الله تعالى بدلاً من تعطيل حق الله تعالى في ذات القتيل فإن القتيل عبدٌ من عباد الله تعالى ويُرجى من نسله من يقوم بعبادة الله وطاعة دينه فلم بخلو القاتل من أن يكون فوّت بقتله هذا الوصف. وأمر آخر نبّهت عليه هذه الآية هو أن الحريّة حياة والعبوية موت فمن تسبب في موت نفس حيّة كان عليه السعي في إحياء نفس كالميتة وهي المستعبدة.
*(فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ (٩٢) النساء) لِمَ اقتصرت الكفارة هنا على تحرير الرقبة دون دفع الديّة لهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
لأن الدية جبر لخاطر أولياء الدم فلما كانوا أعداء الله تعالى لم تكن حكمة في جبر خواطرهم.
آية (٩٣):
*انظر آية (١٨). ؟؟؟
*ما الفرق بين استخدام صيغة الماضى والمضارع فى قوله تعالى فى سورة النساء(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا..(٩٢))و(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣))؟( د. فاضل السامرائى)
التفصيل هو إما أن يكون التبيين والفصل هو الحجز بين الشيئين وهذا الأصل. أحد أمرين: تبيين بصورة واسعة وإما يأتي بأمور متعددة مختلفة هذه وهذه وهذه يصير فصلاً وهذا موجود في القرآن. مثلاً يذكر صفة أهل الطاعة وأهل الإجرام ليسا موضوعاً واحداً وإنما يذكر أموراً متعددة من الحياة، هذا تفصيل. أما موضوع الحياة بعد الموت فموضوع واحد. هناك أمور في القرآن ليست موضوعاً واحداً: يذكر التوابين والمجرمين، أهل الطاعة وغير أهل الطاعة. مثال قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) الأنعام) إنتقل من الحب والنوى إلى الإصباح ثم الشمس والقمر ثم النجوم، مواضيع أخرى ثم ينتقل يذكر أموراً كثيرة هذه تفصيل قطعاً قطعاً، يأتي بأمور كثيرة مختلفة وليست مسألة واحدة لذا يذكر التفصيل (قد فصلنا الآيات).
وهذا الفرق بين قوله تعالى (فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ) و(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ) أصبح مرسلاً ياتيهم بشكل متوالي بشكل تلقائي كلما ظلموا شعباً يأتيهم العقاب. الإرسال مستمر إلى يوم القيامة (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ (١٦٧) الأعراف) وهذا يعترفون هم به أنفسهم.
آية (١٦٣):
*(واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ (١٦٣)) سوف تجد إذا ما استعرضت القصة أن أسلوب الخبر قد تغير من الطلب إلى الإخبار فابتدأ هنا بطلب أن يسأل سائل بني إسرائيل لحاضرين عنها فقال (واَسْأَلْهُمْ) فهل لهذه القصة شأن غير شأن القصص الماضية؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
نعم، ففي هذا التعبير إيماء إلى أن هذه القصة ليست كما كتبت في توراة اليهود لأن كتب أنبيائهم حرّفت وغُيّرت ولكن أحبارهم يعلمون حقيقة ما جرى مع أسلافهم ولذلك افتتحت بسؤالهم بصيغة الأمر (واَسْأَلْهُمْ) لإشعار يهود العصر النبوي بأن الله أطلع نبيه ﷺ وهم كانوا يكتمونها فعلمه الله من أحوالهم ما فيه معجزة لأسلافهم.
(إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً (١٦٣)) تأمل هذا التمثيل الرائع في تصوير إتيان الحيتان شُرّعاً. فحقيقة الشروع إنما تطلق لإتيان الإبل والنعم نحو الماء لتشرب وفي هذه الكلمة إضافة لمسة فنية على البيان القرآني لتمثيل حالة الحيتان في كثرتها واصطفائها بحال الإبل إذا شرعها الرعاة تسابقت إلى الماء فاكتظت وتراكضت وهذا شأن الحيتان هنا فهي لا تأتي إلى الشط وحسب بل وتتسابق في الإجتماع حتى تملأ المكان وتغري الصُياد بأخذها.
آية (١٦٧):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
علم اليقين أن تتيقن من الشيء. أعلاها حق اليقين ثم يأتي عين اليقين (اليقين هو الأمر الثابت الحق الثابت) ودونه علم اليقين. إبراهيم - عليه السلام - لما سأل ربه كيف تحيي الموتى؟ قال أولم تؤمن؟ قال بلى، هذا علم يقين لم يكن إبراهيم شاكّاً وإبراهيم يعلم ذلك علم اليقين ليس متشككاً إذن يعلمه علم اليقين فلما رأى الطير صار عين اليقين رآها بعينه، شاهدها مشاهدة ولذلك القدامى يضربون مثالاً يقولون علم الناس بالموت هذا علم اليقين فإذا رأى ملائكة الموت وهو في النزع هذا عين اليقين فإذا ذاقه صار حق اليقين.
*في كتب النحو (ثم) حرف عطف يفيد التراخي فما سر دخول الحرف في الأسلوب الإنشائي في قوله تعالى (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴿٧﴾التكاثر)؟(د. فاضل السامرائى)
أولاً نقول أنه من حيث الحكم النحوي (ثم) ليست مختصة بالأسلوب إنشائي أو خبري وقد وردت في القرآن الكريم في مواضع كثيرة (ثم صبوا فوق رأسه) إنشائي، (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) إنشائي، (ثم كيدون جميعاً) إنشائي، (ثم توبوا إليه) إذن (ثم) ليست مختصى بخبر أو إنشاء. (وللعلم الإنشاء هو ما فيه أمر أو استفهام أو ترجي أو تحضيض أو..) والحكم يكون على الأسلوب بغض النظر عن القائل. هناك أمر آخر (ثم) قد تكون لمجرد الترتيب في الإخبار (ثم) تفيد الترتيب والتراخي وهذا هو الذي يثيره النحاة (ثم) يقولون تأتي لمجرد الترتيب في الإخبار وليس في الأحداث بدليل قوله تعالى (فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون) ليس في الآية تعقيب لأن الله شهيد على ما يفعلون دائماً. وكذلك في قوله تعالى (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) وقال الشاعر:
أنا من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده
وهذا ترتيب في الإخبار وليس ترتيباً زمنياً كأن نقول مثلاً: أعجبني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت الأمس أعجب.
قال الله تعالى (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) بعد أن ذكر الدنيا ومآلها في الآية السابقة (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) وجهنا ربنا سبحانه وتعالى إلى المسابقة في الخير. لأن كانت هناك مسابقة دنيوية اللعب فيه نوع من المسابقة وهناك مسابقة في التفاخر واللهو والزينة والتكاثر هو تباري ومسابقة فبدل هذه المسابقة في أمور الدنيا التي ستكون حطاماً ألا أدلكم على ما هو خير من ذلك؟ وهو المسابقة إلى طلب المغفرة وإلى الجنة فقالوا (سابقوا) بدل تلك المسابقة في الدنيا من اللعب والتفاخر والتكاثر فقال ألا أدلكم على أفضل من هذه المسابقات التي ستكون حطاماً نسابق إلى مغفرة من ربنا والمسابقة إلى الجنة (أعدت للذين آمنوا) ثم قال (ذلك فضل الله) إذن أمرنا ووجهنا إلى المسابقة في الخير إلى مغفرة من الله سبحانه وتعالى. هكذا تكون المسابقة وليست المسابقة في اللعب واللهو والتفاخر.
*هذه الآية تتعلق بما قبلها ففي هذه الآية قال (مغفرة من ربكم) وفي الآية قبل قال (مغفرة من الله) ؟


الصفحة التالية
Icon